طرابلس وأبوظبي ..علاقات يطبعها الجدل السياسي والتقارب الدبلوماسي بعد تولي عبد الحميد الدبيبة قيادة الحكومة منتهية الشرعية، بعد فترة من الاصطدام السياسي والتصريحات المباشرة بضلوع الإمارات في تقويض استقرار ليبيا والتورط في انتهاكات حقوق الإنسان من خلال دعم حفتر عسكريا، وهذه المرة وارتباطا بقطاع النفط الليبي، توالت الأسئلة حول تدخل أبوظبي في ورقة النفط الليبي.
بدأت تفاصيل الإشكالية، حين صرح وزير النفط والغاز في حكومة الدبيبة محمد عون لـ أبعاد بأنه تقدم بشكوى إلى هيئة الرقابة الإدارية حول تفاوض المؤسسة الوطنية للنفط بشكل مخالف مع شركة إماراتية لتأهيل حقلي الظهرة والباهي، مضيفا أنه في انتظار ردهم والإجراء الذي سيتخذونه.
رد مؤسسة النفط على وزير النفط والغاز لم يتأخر، نافية ما ورد في شكوى محمد عون، مؤكدة في بيان لها تعاقدها مع شركة “إسناد”، وهي شركة وطنية ليبية مقيدة في السجل التجاري الليبي.
وتساءلت مؤسسة النفط عن المصلحة من تلفيق الأكاذيب والتهم الكيدية ضدها من جهات “كنا ننتظر أن تدعم خططها ومشاريعها الطموحة لزيادة الإنتاج بدل أن تكون معول هدم وأن تساهم معنا في دفع المركب للأمام والابتعاد عن سياسة وضع العصي في الدواليب”.
واستغربت مؤسسة النفط من عدم انتقاد ترك الحقل مدمرا وخارج الإنتاج لقرابة 7 سنوات، في حين أنه عند البدء في تطويره وفقا للأسلوب الفني والتجاري يبدأ الهجوم من قبل المعرقلين والإعلام المغرض، بسحب البيان.
وفي خضم عدم التوافق بين وزارة النفط والغاز والمؤسسة الوطنية للنفط، أكد عون أن مراجعة خطة زيادة الإنتاج النفطي من صميم عمل وزارة النفط والغاز حسب قانون النفط والغاز الليبي، موضحا أن هدف الوزارة من مراجعة هذه الخطة وتقييمها هو لأجل الصالح العام وتقديم التوجيه الفني وكل ما تراه الوزارة أنه يساعد المؤسسة الوطنية للنفط لإنجاز أهدافها بأسرع وقت وأقل تكلفة ممكنة.
وبخصوص توقيع مؤسسة النفط وشركة إيني الإيطالية اتفاقية تطوير الإمكانيات للحقول النفطية والموانئ النفطية بقيمة ثمانية مليارات يورو، هاجم وزير النفط والغاز الاتفاقية وقال إن الاتفاقية الجديدة الموقعة من المؤسسة الوطنية للنفط تزيد من حصة الشريك الإيطالي بنسبة 70%، أي أنه ارتفع نصيب إيني إلى 37% من المستكشف والمنتج حسب اتفاقية سابقة.
وأضاف عون أن الاتفاقية من الناحية القانونية مخالفة واضحة؛ معتبرًا الاتفاقية أنها تفريط في حقوق اكتُسبت بعد مفاوضات وصفها بـالمنصفة، مبينًا أن ما ذكره رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة حول حصة شركة إيني من الاتفاق لا أساس لها من الصحة ولا وجود لها في أي اتفاقيات، وفق تعبيره.
وحول علاقة المؤسسة الوطنية للنفط وخاصة علاقة رئيس المؤسسة فرحات بن قدارة بالإمارات، عقب الإطاحة بالرئيس السابق للمؤسسة مصطفى صنع الله في صفقة يراها محللون أنها الهدنة بين الدبيبة وحفتر واللعب تحت الطاولة.
قال موقع أفريكا أنتليجنس الاستخباراتي، في إحدى مقالاته إن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة عاد إلى المشهد الليبي بسرية مستشارا لرئيس الوزراء الأسبق عبد الله الثني، وأقام في دبي حيث كان رئيسا للبنك العربي للاستثمار والتجارة الخارجية، وهو بنك استثماري مملوك لهيئة الإمارات للاستثمار والمصرف الليبي الخارجي والبنك الخارجي الجزائري.
أفريكا أنتليجنس لم يقف عند هذا الحد، وفي إحدى مقالاته، أفاد بأن النائب العام في العاصمة طرابلس يحقق في تحويل مشبوه بقيمة 4 ملايين دولار من المؤسسة الوطنية للنفط لحساب سويسري تابع لـ شركة BGN اﻹماراتية .
وبحسب الموقع الفرنسي الاستخباراتي، فإنه تم إصدار أمر تحويل هذا المبلغ المالي قبل أسابيع عدة، لكن جرى حظره أواخر الشهرين الماضيين من قبل إدارة الامتثال للمصرف الليبي الخارجي التي تدير أموال المؤسسة الوطنية للنفط.
وأضاف أفريكا إنتلجنيس أن النائب العام الصديق الصور يشتبه في ارتباط العديد من هذه المدفوعات بعملية غسيل أموال وفقا لشخص مطلع على القضية، حيث قد تسمح هذه الآلية بدفع عائدات المؤسسة الوطنية للنفط إلى صدام حفتر، ويجوز للمدفوعات أن تكون جزءا من اتفاق تم التوصل إليه في أبوظبي في يوليو الماضي مع إبراهيم الدبيبة.
ولفت الموقع الفرنسي إلى أنه تم توسيع العلاقات بين شركة BGN International الإماراتية وشرق ليبيا، مشيرا إلى أنه خلال نوفمبر الماضي وقع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة مذكرة تفاهم مع شركة BGN الإماراتية، ولم يتم التوضيح على تفاصيلها بعد.
الآلة الإعلامية لمؤسسة النفط، لم تتأخر نافية “المزاعم والادعاءات المزيفة” من قبل موقع أفريكا إنتلجنيس الفرنسي والتي ادعى فيها “زورا” بأن النائب العام في طرابلس قد فتح تحقيقا حول مدفوعات قامت المؤسسة الوطنية للنفط بتحويلها إلى أطراف خارجية معينة.
وقالت المؤسسة الوطنية للنفط إنها تعمل وفقا للتشريعات والأحكام والقوانين الليبية، حيث تحرص دائما على تنفيذ عقودها بشكل مهني مراعية أهمية الحفاظ على مصالح الدولة الليبية والشعب الليبي.
الجدل الإماراتي بالمشهد السياسي، أثاره رئيس المجلس الأعلى للدولة عبر قناة الجزيرة، قائلا إن التدخل الإماراتي في قطاع النفط الليبي تدخل مهين ومشين، معارضا تغيير رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، لافتا إلى أن الرئيس الحالي للمؤسسة مقيم بالإمارات، وأن هناك امتيازات للإمارات التي تغلغلت في قطاع النفط لا تستحقها.
والرد لم يتأخر كثيرا، حيث عبرت المؤسسة الوطنية للنفط عن أسفها “للمستوى غير اللائق” الذي بلغه رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري في تصفيته لما سمتها “حسابات شخصية” مع مؤسسة وطنية ليبية سيادية مستقلة.
وتبقى العلاقة المشبوهة لدولة الإمارات وتدخلها في قطاع النفط الليبي واردة حسب مراقبين خاصة بعد تقارب الدبيبة مع أبوظبي وزياراته للإمارات ولقاءات صدام حفتر بإبراهيم الدبيبة هناك، وتغيير مجالس إدارات شركات نفطية.
مناقشة حول هذا post