لا يزال الصراع الدائر حول النفط الليبي يلقي بظلاله على البلاد منذ إقالة رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله من قبل حكومة الدبيبة، وتكليف محافظ البنك المركزي سابقا فرحات بن قدارة بديلا عنه.
وشهدت العاصمة طرابلس، ليلة الأحد، انتشارا مكثفا للقوات والآليات العسكرية والأمنية بمختلف المناطق، وذلك على خلفية توجه قوة عسكرية نحو العاصمة قادمة من مدينتي الزاوية وورشفانة؛ احتجاجا على إقالة صنع الله، وفق ما نقله مراسل أبعاد في طرابلس.
هذا التحرك استنفر عددا من المجموعات المسلحة في طرابلس الموالية للدبيبة للتحرك نحو مقر المؤسسة الوطنية للنفط، ومداخل ومخارج جنوب وغرب العاصمة؛ لصد أي تحركات عسكرية، ما أسفر عن حالة من القلق والترقب.
وجراء كل هذا التصعيد الذي سبّبه قرار الدبيبة بإقالة صنع الله، أفادت مصادر بأن مجموعة من القادة العسكريين الداعمين للدبيبة وقرار تكليف بن قدارة، التقوا ممثلين عن القوات القادمة إلى العاصمة والمعارضة للقرار؛ لمحاولة الحيلولة دون تصعيد الأوضاع.
وذكرت المصادر أن الاجتماع توصل إلى أن تعود آليات الطرفين إلى ثكناتها العسكرية، على أن يُعقد اجتماع موسع بين عبد الحميد الدبيبة والقادة العسكريين بالغرب الليبي؛ لتوضيح أبعاد تكليف فرحات بن قدارة رئيسا للمؤسسة الوطنية للنفط، وهو المقرب من حفتر والإمارات، ورئيس عدد من المؤسسات المالية والمصرفية بها، ما يثير قلق هؤلاء القادة من حقيقة هذا القرار وخلفياته، وحول ما إذا كانت صفقة سياسية، كما أكده مقربون من الدبيبة.
وعلى الرغم من تراجع الجانبين، فإن حالة من التوتر والاحتقان ما زالت تسود الأجواء، وهو ما يحذر مراقبون من إمكانية تسببه في انفجار الأوضاع في أية لحظة في حال لم يتم إيجاد حل عاجل لأزمة رئاسة مؤسسة النفط، المؤسسة التي تشرف على مصدر الدخل الوحيد لليبيين شرقا غربا وجنوبا.
هل يؤتي تكليف بن قدارة أُكله؟
ومع كل هذا الخلاف والتصعيد سياسيا وعسكريا، يظل الشارع الليبي متسائلا حول فعالية هذا القرار على الواقع، وإن كان هو الحل النهائي لأزمة الإغلاقات النفطية التي تعانيها البلاد منذ أبريل الماضي.
وعلى الرغم من إعلان بن قدارة فتح النفط من جديد وإعادة الإنتاج لكنه سرعان ما أثار تساؤلات عقب بيان أصدره عدد من أهالي وسكان مدينة مرادة شددوا فيه على أنهم لن يفتحوا الحقول الواقعة بمنطقتهم، والتي تبلغ 23 حقلا، إلا بعد تحقيق مطالبهم.
بيان يثير الشكوك حول إعلان بن قدارة فتح الحقول النفطية بالكامل، ومقدرته على ذلك في ظل معارضة كثيرين لقرار تكليفه، لاسيما وأنه صدر عن حكومة منتهية الولاية، ولا تملك صلاحيات إصدار القرارات.
صراع جديد ينذر بانقسام آخر في المؤسسات الموحدة في البلاد، وأكثرها حساسية لما تمثله من مصدر دخل وحيد للشعب الليبي، في وقت تعاني فيه البلاد من تصدعات وانقسامات على كل الأصعدة، ولم يعد لدى مواطنيها القدرة على تحمل المزيد من التّبعات.
مناقشة حول هذا post