تضارب ونصوص بلغت حد التناقض بين تقرير بعثة تقصي الحقائق في ليبيا التابعة لمجلس حوق الإنسان بالأمم المتحدة، وبين الملاحظات التي أوردتها عليه وزارة خارجية الدبيبة بقيادة نجلاء المنقوش، ليضع المتابع موضع المتسائل عن الرواية الصادقة.. لمن تكون؟
هل مارست البعثة عملها بحرية كاملة؟
في الوقت الذي انتقدت فيه بعثة تقصي الحقائق السلطات الليبية بسبب عدم السماح لها بزيارة السجون ومراكز الاحتجاز في العاصمة طرابلس، إلى جانب عرقلة حصولها على التأشيرات اللازمة، ذكرت خارجية الدبيبة خلاف ذلك تماما.
فقد أكدت أنها بذلت جهدا استثنائيا لصالح البعثة، لتسهيل تحركها داخل ليبيا، وبشأن زيارة السجون أوضحت أن وزيرة العدل حليمة عبد الرحمن، خلال لقاء مع البعثة، طلبت من أفرادها التوجه فورا نحو بعض مؤسسات التأهيل والإصلاح التابعة للوزارة، ولكن وفد البعثة لم يعطِ أسبابا معقولة أو واضحة لتلبية الدعوة وتحججوا بعدم جاهزيتهم.
وشدد التقرير على أن المنقوش أعطت أولوية قصوى لدعم الجهود الأممية الرامية لمساعدة وإنصاف الضحايا بليبيا، وهو ما أكدت عليه بوضوح خلال استقبالها للمدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية كريم خان بمقر وزارة الخارجية والتعاون الدولي في نوفمبر 2022من العام الماضي.
انتهاكات مروعة.. وخارجية المنقوش تتنصل
تقرير بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق عبر عن قلقها العميق إزاء تدهور حالة حقوق الإنسان في ليبيا، والتجاوزات المروعة التي ارتكبتها أجهزة أمنية وعسكرية في شرق البلاد وغربها، وتورطها في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وبدلا من البحث عن أسباب هذه الانتهاكات، تنصلت خارجية المنقوش مما ورد في التقرير، بقولها إن أغلب الانتهاكات الواردة بالتقرير حدثت خلال الفترة التي سبقت الحكومة، مشيرة إلى أن التقرير لم يهتم بتقديم سرد منفصل للسياق التاريخي للوقائع محل التحقيق والتقصي من قبل البعثة.
أوضاع المهاجرين في مراكز الاحتجاز
خارجية المنقوش تقول إن مراكز الاحتجاز الحكومية بمعالجة المهاجرين غير الشرعيين في مراكز صحية خاصة، على حساب السلطات بليبيا وتقديم وجبات غذائية بشكل منتظم، بالإضافة إلى نشاط منظمات مجتمع مدني ومواطنين ليبيين في تقديم العون والغوث للمهاجرين داخل هذه المراكز وعلى طول وعرض البلاد.
وتشير الخارجية إلى أن هذا هو انطباع الوزيرة نجلاء المنقوش خلال زيارتها لهذه المراكز، مؤكدة أن تعامل دولة ليبيا مع ملف الهجرة غير الشرعية، يتم بالتعاون والتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
في المقابل كشف التقرير الأممي عن جرائم وحشية بحق المهاجرين في ليبيا، حيث تشير أدلة دامغة إلى تعرضهم للتعذيب المنهجي، إضافة إلى ارتكاب الاستعباد الجنسي الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية ضد المهاجرين، وغيرها من انتهاكات مختلفة.
قمع المجتمع المدني
تصر خارجية الدبيبة على أن هناك تعاونا وثيقا بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني في عدد من المجالات مثل الحقوق والصحافة والمشاركة السياسية والمسؤولية الاجتماعية هو تعاون مميز ولم تشهده ليبيا خلال السنوات الماضية، لافتة إلى أن الإجراءات التنظيمية للمنظمات المدنية فإنها مسألة إجرائية مرتبطة بفتوى قانونية من جهة محايدة ولديها صلاحيات قانونية وقضائية لم يكن لها أي دافع للتضييق أو محاربة المجتمع المدني، وهو ما لا يتفق بتاتا مع ما ذكره التقرير من مضايقات تتعرض لها المؤسسات، وتضييق لفضاء الحرية الذي كفله لهم القانون الدولي والمحلي.
انتقاد لأوضاع النساء والمنقوش: أنا رأس وزارة
تقرير بعثة تقصي الحقائق في ليبيا لفت إلى تعرض النساء للتمييز المنهجي في ليبيا، وتدهور أوضاعهن بشكل ملحوظ خلال الثلاث سنوات الماضية، مشيرا إلى اختفاء وقتل عدد منهن، لترد خارجية الدبيبة بأن من بين إنجازاتهم في دعم المرأة تقليد 5 نساء حقائب وزارية، من بينهن نجلاء المنقوش على رأس الخارجية!
مناقشة حول هذا post