قضت المحكمة الدستورية العليا بأن قرار رئاسة مجلس النواب رقم 20 لسنة 2015 المتعلق بترقية ضابط وتعيين قائد عام للجيش الليبي من الأعمال التشريعية الصادرة عن مجلس النواب والتي تخرج عن رقابة واختصاص القضاء الإداري.
في السياق، تابع المجلس الأعلى للدولة ببالغ القلق ما صدر عما يسمى “المحكمة الدستورية العليا” من حكم يقضي بتحصين قرارات مجلس النواب المتعلقة بتعيينات “القائد العام للجيش الليبي” وترقيات الضباط واعتبارها أعمالاً تشريعية لا تخضع للرقابة الإدارية.
وأكد المجلس أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح اختصاص أصيل للدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، استنادا إلى الإعلان الدستوري وقانون إعادة تنظيم المحكمة العليا الصادر سنة 1982م، لافتا إلى أن ما يسمى بـ “المحكمة العليا” قد أُنشئت بقرار من مجلس النواب المنتهي التوافق السياسي وقد كشفت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا عواره وفتئت بعدم دستوريته
وشدد المجلس على أن الحكم يمثل خطرا مباشرا على وحدة السلطة القضائية من خلال خلق ازدواجية بين المحكمة العليا صاحبة الاختصاص الأصيل وهذه المحكمة المستحدثة بما يهدد مبدأ وحدة القضاء المنصوص عليه في الإعلان الدستوري
وأكد المجلس تمسكه بأن المرجعية الوحيدة للرقابة الدستورية في ليبيا هي الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا رافضا أي محاولات لتسييس القضاء أو استخدامه أداة لتكريس الانقسام المؤسسي محملا مجلس النواب المسؤولية عن المضي في تشريعات أحادية تنحرف إلى التوافق ويعتبرها مساسا يهدد وحدة البلاد ومؤسساتها.
ودعا مجلس الدولة المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة إلى عدم التعاطي مع هذه المحكمة المستحدثة والتأكيد على دعم وحدة القضاء الليبي واستقلاله مؤكدا دعمه الكامل لاستقلال القضاء الليبي والمحكمة العليا. بدائرتها الدستورية كمرجعية شرعية ووحيدة حفاظا على سيادة القانون ووحدة المؤسسات.
ورافق قانون إنشاء المحكمة الدستورية الذي صادق عليه مجلس النواب بأغلبية أعضائه عام 2022 جدل كبير.
وينص القرار على إنشاء محكمة دستورية عليا بمدينة بنغازي، لها شخصية اعتبارية وتتمتع بالاستقلال الإداري والمالي، وتتقدم بمشروع الميزانية الخاصة بها للسلطة التشريعية لاعتمادها.
وتُشكل المحكمة من 13 قاضيا، 3 منهم يختارهم مجلس النواب و3 آخرون يختارهم مجلس الدولة، كما يصدر في رئيس المحكمة ونائبه قرار من مجلس النواب، وتتولى الجمعية العمومية اختيار البقية.
وتختص المحكمة بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح الصادرة والمنظمة لعمل السلطة التشريعية، كما تتولى تفسير نصوص القوانين إذا أثارت خلافا في التطبيق.
من جهته، كان رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي طالب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بإلغاء قانون إنشاء المحكمة الدستورية، وتجميد ومراجعة كافة القوانين التي لا تتطلبها المرحلة الانتقالية أو المخالفة للاتفاق السياسي.
ودعا المنفي في خطاب موجه إلى عقيلة بإلغاء قانون إنشاء المحكمة الدستورية في جلسات علنية شفافة بنصاب قانوني؛ ليطمئن الشعب باستمرار المسار الدستوري المؤسساتي بما يحقق الصالح العام، قائلا إن المرحلة الانتقالية تشترط إعلاء التوافق والتكامل والتوازن بين المؤسسات والسلطات صونا لوحدة ليبيا وسيادتها المستهدفة من مشاريع خارجية.
وأشار المنفي أن مجلس النواب هو سلطة تشريع انتقالي مؤقت، مدد لنفسه دون استفتاء الشعب كما ينص الإعلان الدستوري بنص صريح، وذلك لظروف أمنية منعت ذلك الاستحقاق الدستوري حينها، وأنها زالت اليوم مع حالة الاستقرار والإعمار الذي نشهده في ليبيا، حسب قوله.
ولفت المنفي في خطابه، إلى أن المجلس الرئاسي يعتبر ضامنا ومراقبا لمدى التزام الجميع بهذه المبادئ الدستورية الحاكمة، مشيرا إلى أن أخطر هذه التعديات تعيين مستشارين وأداء اليمين القانونية لأعضاء محكمة دستورية بموجب قانون إنشاء أحادي وغير دستوري، والذي قضت المحكمة العليا ببطلانه.
مناقشة حول هذا post