المؤسسة الوطنية للنفط..عندما توجه السياسة موارد ليبيا

بعد صراع محموم بين الغرب والشرق، فاجأ رئيس الحكومة في طرابلس عبدالحميد الدبيبة الفرقاء الليبيين بتكليفه مسعود سليمان برئاسة المؤسسة الوطنية للنفط.
وجاء قرار التكليف ساعات من لقاء جمع مسعود سليمان مع القائم بالأعمال في السفارة الأميركية لدى ليبيا جيريمي برنت، حيث ناقش الجانبان سبل تعزيز التعاون في مجالات الطاقة، وتوسيع دور الشركات الأميركية في مشاريع النفط والغاز داخل ليبيا، وهو ما يسلّط الضوء على البعد الخارجي للقرار، ويطرح تساؤلات حول طبيعة الدعم الدولي المحتمل.
وكان موقع أفريكا انتليجنس، كشف عن صراع بين إبراهيم الدبيبة وصدام حفتر للسيطرة على رئاسة مؤسسة النفط وهو الملف الذي كان محور اللقاء الذي جمعهما في روما برعاية مسعد بولس حيث يسعى الدبيبة إلى تأجيل التعيين خشية فقدان نفوذه.
وأفاد أفريكا انتليجنس بأن اسم خليفة عبد الصادق يبرز كأحد مرشحي حكومة الدبيبة بعد تصاعد خلافاته الأخيرة مع مسعود سليمان الرئيس الحالي بسبب مشاريع تطوير المؤسسة، حيث تمثل رئاسة المؤسسة أهمية خاصة كون عائدات النفط تمثل نحو 97% من إيرادات الدولة.
داخليا، يمثل عدم التشاور مع مجلسي النواب والأعلى للدولة المخولين بتعيين المناصب السيادية خرقا واضحا للأعراف السياسية المتفق عليها في ليبيا، ويعكس توجها واضحا من الدبيبة نحو فرض واقع سياسي وتنفيذي منفرد في ملف إستراتيجي بالغ الحساسية.
وجاءت الخطوة بينما يخوض مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة مناقشات لإعادة هيكلة المؤسسات السيادية، التي تشمل المؤسسة الوطنية للنفط.
اقتصاديا، لا تعد المؤسسة الوطنية للنفط مجرد كيان اقتصادي، بل تمثل العمود الفقري للدولة الليبية، حيث تسيطر على أكثر من 90 في المئة من عائدات الدولة، وتحتفظ بهامش استقلالية ومهمتها ضمان استمرار تدفق النفط في ظل الانقسامات السياسية.
ويتنافس الفرقاء الليبيون على قيادة هذه المؤسسة باعتبار أن من يمتلك مفتاح التحكم في الموارد المالية ستكون لديه السيطرة على الملفات السيادية التي تؤثر على التوازنات السياسية الداخلية والخارجية.
ويحمل القرار بين طياته رسالة واضحة المعالم من الدبيبة تعكس اعتماده على سياسة فرض الواقع السياسي والتنفيذي في مواجهة الانسداد السياسي المتواصل وتعثر مسارات الانتخابات والوصول إلى توافق بين المؤسسات التشريعية والتنفيذية.
ويرى مراقبون أن إدخال المؤسسة الوطنية للنفط في صراع سياسي مفتوح يهدد ليس فقط بتقويض استقرار القطاع النفطي، بل ينعكس سلبا على قدرة الدولة على إدارة ثروتها ومواردها، ويزيد من تعقيد مسارات الحل السياسي في ليبيا.