عقب الانقسام داخل المؤسسة العسكرية، وفي السلطة التنفيذية، ينتقل الصراع في ليبيا اليوم إلى المؤسسة القضائية، ليصل الأمر إلى منع أعضاء بمجلس النواب من السفر إلى بنغازي عبر مطار معيتيقة الدولي بالعاصمة طرابلس لحضور جلسة تتعلق بتكليف رئيس جديد لرئيس المحكمة العليا، وغير من القضايا المتعلقة بالقضاء، ما أدى إلى إلغاء الجلسة تماما.
فقد أعلن الناطق الرسمي باسم مجلس النواب عبد الله بليحق تعذر انعقاد جلسة المجلس نظرا لمنع مغادرة النواب المتجهين من العاصمة طرابلس إلى مدينة بنغازي حيث كانت ستنعقد الجلسة قبل منعهم من مغادرة مطار طرابلس إلى مطار بنينا.
عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي ذكر لـ أبعاد أن الأعضاء الذين تم منعهم من السفر عبر مطار معيتيقة 35 نائبا على رأسهم النائب الأول فوزي النويري والذي كان من المقرر أن يرأس الجلسة نيابة عن رئيس المجلس عقيلة صالح.
بداية القصة
البداية كانت حين قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إن المكان القانوني لانعقاد المحكمة العليا هو مدينة البيضاء شرقي البلاد، وفق القانون رقم (6) الصادر عن البرلمان عام 2014، معتبرا انعقادها في غير مقرها أمرا غير قانوني يترتب عليه بطلان أي إجراءات منبثقة.
وأضاف، في مخاطبة إلى المجلس الأعلى للقضاء، أن قرار المؤتمر الوطني العام الصادر في مايو 2015 بتعيين المستشار محمد الحافي رئيسا للمحكمة العليا يُعد قرارا باطلا.
وأوضح عقيلة وجه البطلان للقرار بأن البرلمان الليبي أصدر القرار رقم (1) لسنة 2020 بإلغاء كل القوانين والقرارات الصادرة عن المؤتمر الوطني بعد انتهاء ولايته بتاريخ 3 أغسطس لعام 2014.
المشري: مراسلة عقيلة كالعدم
وردا على خطاب عقيلة، خاطب رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، المجلس الأعلى للقضاء بصحة انعقاد المحكمة العليا في العاصمة طرابلس، مبينا بطلان قرار البرلمان رقم (6) لـ 2014 لصدوره “من غير ذي صفة بتاريخه”.
واستدل المشري لحديثه بحكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بانعدام مجلس النواب بتاريخ 6 سبتمبر 2014، لافتا إلى أن مجلس النواب أنشئ بتاريخ التوقيع على اتفاق الصخيرات السياسي في 17 ديسمبر 2015، ويستمد شرعيته منه.
وأشار إلى ما جاء في اتفاق الصخيرات في المادة 14 من الأحكام الإضافية: “بدخول الاتفاق حيز التنفيذ فإن كافة القرارات والقوانين التي تتعارض مع بنود هذا الاتفاق بملاحقه والتي تم اعتمادها في الفترة ما بين 4 أغسطس 2014 ودخول هذا الاتفاق حيز التنفيذ تُعتبر لاغية ويجب التعامل معها وفقا للآليات التي بيّنها الاتفاق”.
ودعا المشري في مخاطبته المجلس الأعلى للقضاء بعدم الاعتداد بمراسلة عقيلة صالح، والاستمرار في تطبيق القانون رقم (6) لسنة 1982 بشأن مقر المحكمة العليا في طرابلس، واعتبار ما جاء في مراسلة رئيس البرلمان كالعدم، حسب قوله.
كيف يؤثر الصراع على الانتخابات؟
المفوضية العليا للانتخابات أفادت، في بيانها الأخير، أنها ستعمل مع مجلس النواب على إزالة جزء من مكونات القوة القاهرة، والمتمثل في المتطلبات القانونية ذات الصبغة الفنية غير المنظورة التي ظهرت أثناء تنفيذ القوانين ذات العلاقة، وسترفع ملاحظاتها النهائية حال التنسيق مع السلطة القضائية فيما يتعلق بآلية النظر في الطعون والنزاعات الانتخابية، وإيجاد صيغة قانونية للتعامل مع الأحكام القضائية النافذة والقاضية بإيقاف تنفيذ العملية الانتخابية.
ويتضح من حديث المفوضية أن إزالة جزء من “القوة القاهرة” يتطلب التنسيق مع السلطة القضائية فيما يتعلق بآلية النظر في الطعون والنزاعات الانتخابية، وهو ما يحتاج إلى سلطة قضائية موحدة متماسكة تستطيع إيجاد ميزان معتدل في باب الطعون دون أن تتأثر بالصراع السياسي الحالي، أو يطالها الصراع نفسه!
ويُعد القضاء الليبي آخر المعاقل التي لم تنقسم داخل البلاد، وسط تحذيرات متوالية من أن ينهار هذا التوحد في ظل خلافات السياسيين، ما ينذر بدخول البلاد في فوضى قضائية تجعل من حلحلة الأزمة الليبية المعقدة أمرا أكثر تعقيدا.
مناقشة حول هذا post