كتب الصحفي الليبي هشام الشلوي مقال رأي تحت عنوان “السجادة الحمراء”: استقطب حقل السياسية نابهين كثرا في مجالات عدة علمية وأدبية، بعد ثورة شباط فبراير عام 2011، بدعاوى عدة، منها الظن بقدرتهم على الإنجاز في هذا الحقل، أو اتخذه بعضهم طريقا إلى الشهرة المحلية والدولية وتحقيق مكاسب مادية ومعنوية.
وقال الشلوي: ” ولا ينكرن أحد حق أي إنسان مهما علت درجته أو قلت في ممارسة حقه السياسي في الانتخاب والترشح للسلطة التشريعية أو تولي مناصب قيادية تنفيذية”.
وأضاف: “كما لا ينكرن أحد أن للعمل السياسي بهرجته وجاذبيته التي لا تقل عن أي جاذبية أخرى، إذ أن ولوج الحقل السياسي هو في نهاية المطاف تجربة قد تصيب وقد تخيب”.
وأوضح أن ” الجدب والفقر السياسي في بلادنا بعد أربعين عجافا لم تمارس النخب والعامة أي دور سياسي، وقد شاهدنا جميعا تجربة المعارضين للنظام السابق الذين عادوا لليبيا بعد الثورة، رأينا كم هي كانت مخيبة للآمال، حتى إن بعضهم تقمص عقلية وأدوات النظام السابق في العمل السياسي، وبعضهم انحاز للحكم العسكري، فكانوا وبالا في الحالتين”.
واستدرك الكاتب الليبي قائلا: “هذه المقدمة تقودني إلى فكرة أننا نخسر هؤلاء الأفراد من نوعهم في تخصصاتهم ومجالاتهم العلمية والأدبية لصالح رهانات ودهاليز السياسة، في الوقت الذي يمكنهم أن يكونوا أكثر ناجحا على صعيد مصالحهم الشخصية المادية والمعنوية”.
وأشار إلى أسباب ذلك بقوله: “وتعليل ذلك عندي أن العمل السياسي ليس مجرد شعارات، أو تدبيج مقالات رنانة، أو الانحياز للمناطق الآمنة والسهلة، أو الخضوع لرغبات هذا الطرف أو ذاك”.
وتابع: ” بل هي في كثير من الأحيان تتطلب السياسي القادر على تجرع المرارة قبل جني أي ثمار آنية، وهي كذلك الصبر على خيارات حزبك وتيارك حتى وإن بدت غير ذات جدوى في المدى المنظور، وهي القدرة على الجلوس مع أحط خلق الله خُلقا وسلوكا وأقذرهم نهجا، والتوصل معه لتوافقات ليست بالضرورة أن تكون نتائجها وفق ما تحب أو تهوى”.
وذكر الشلوي أن هذه زاويا تتطلب قدرا معقولا من القدرة على الممارسة، والصبر على الأذى من صديقك وخصومك، مع التسلح بقراءة وبصيرة حادة للواقع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي.
وأضاف: “كم يعجبني أولئك الذين نظروا إلى إمكانياتهم منذ البداية ولم يستدرجهم وهج السياسة، واستمر نجاحهم في مجالات تخصصهم أيا كان، بالتأكيد لا تستطيع أن تقول لإنسان: إنك لا تملك مقومات ممارسة العمل السياسي، لأننا على الأقل لا نملك دليلا ولا معيارية موضوعية ولا نموذجا يحتذى به في الممارسة السياسية في ليبيا التي تحت العنف والاحتراب الداخلي أغلب محطاتها”.
وأشار إلى أن المسألة برمتها تحتاج إلى تقدير متزن من أي شخص مقبل على ممارسة العمل السياسي، وأن يطرح على نفسه أسئلة رئيسة تتعلق بالقدرة الذاتية والعمل الجماعي والصبر على الإكراهات وتحمل النتائج والأضرار.
واختتم الكاتب الصحفي هشام الشلوي مقاله قائلا: “لكننا كبلد تربع على عرش التخلف والانحطاط والرداءة من الممكن أن نستفيد من تلك العقول في مجالات تخصصها، بدل أن تهدر وتستهلك في حقول غير مناسبة لها، ويقودها الخيار الخاطئ إلى الجنون أحيانا في حالتي الفشل والصدمة، وهي في نهاية المطاف دعوة لمراجعة الذات، الذات الواعية بقدراتها النفسية والذهنية والعقلية”.
مناقشة حول هذا post