ينتظر الليبيون سيناريوهات تسلم الحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا مهامها من داخل العاصمة طرابلس بعد رفض عبد الحميد الدبيبة تسليم السلطة، وسط تأرجح القرار الدولي تجاه الاعتراف بسلطة الحكومتين.
ورفعت حكومة الدبيبة من حدة التصعيد بعد حادثة الاعتداء على وزراء الحكومة الجديدة وتحشيد مجموعات مسلحة في طرابلس لإنشاء مجموعة مسلحة أسماها “قوة حماية الدستور والانتخابات”، فضلا عن إغلاق المجال الجوي أمام حركة الطيران المتجهة إلى مطارات المنطقة الشرقية بعد إعلان الدبيبة في أكثر من مناسبة رفض تسليم السلطة للرئيس المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا.
مراقبون يعتقدون أنه يجب على باشاغا إذا أراد الدخول إلى العاصمة بسرعة كسر تحالفات الدبيبة الذي تمكن من تحصين نفسه بولاءات في طرابلس من تشكيلات مسلحة وأطراف سياسية مدافعة عليه للتمسك بموقعه في العاصمة خاصة وأن باشاغا يستطيع تخطي هذا التحدي واحتواء أي تصعيد مسلح محتمل نظرا لعلاقته المتينة مع القوى الفاعلة في المنطقة الغربية، إضافة إلى علاقته القديمة مع القوى الدولية المتحكمة في المشهد الليبي.
المعضلة الأخرى التي تواجه باشاغا هي عدم حسم المجتمع الدولي موقفه من هذا الصراع لأي من الطرفين وسط تذبذب وتضارب المواقف المحلية والدولية مما يزيد من غموض المشهد السياسي في البلاد في ظل مخاوف من حدوث انقسام جديد قد ينتهي باندلاع صراع مسلح في ليبيا.
الموقف الأمريكي
من جهة أخرى تفادت السفارة الأمريكية في ليبيا ذكر صفة الدبيبة رئيسا للحكومة كما جرت العادة مؤكدة تواصل مسؤولين بالخارجية الأمريكية في واشنطن مع فتحي باشاغا من أجل التهدئة في إطار التواصل مع الأطراف الليبية.
وقال السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند في تغريدة “تواصل الولايات المتحدة الحث على الهدوء ووقف التصعيد في الاتصالات مع جميع الأطراف، كانت تلك رسالتي إلى عبد الحميد الدبيبة في الاجتماع الذي استضافه مع دبلوماسيين أجانب هذا الصباح، وأجرى زملائي في واشنطن محادثة مماثلة مع فتحي باشاغا بعد ظهر اليوم”.
التغريدة الأخيرة اعتبرها البعض تغيرا في المزاج الأمريكي ضد الدبيبة نظرا لمستوى التواصل مع الدبيبة مقارنة بما تم مع باشاغا فالسفير الأمريكي لطالما اعتاد التواصل مع مسؤولين ليبيين بكافة مستوياتهم وأيضا حتى نشطاء المجتمع المدني لكن مالم يعهد سابقًا هو تواصل المسؤولين الأمريكيين مباشرة من واشنطن مع شخصيات ليبية إلا في حالات نادرة ما يقوي من موقف باشاغا في هذه الأزمة.
توصيات بالتهدئة
ودعا سفير الاتحاد الأوروبي خوسيه ساباديل خلال اجتماع للدبيبة مع سفراء دول أجنبية إلى تجنب أي تصعيد معربا عن قلقه تجاه مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان المتزايدة والقيود المفروضة على حرية التنقل، في إشارة إلى حادثة الاعتداء على وزراء باشاغا وإيقاف حكومة الدبيبة المجال الجوي للرحلات الداخلية.
كما أكد ساباديل في تغريدة على تويتر أن السفراء طالبوا بضرورة منع حدوث اضطرابات في إنتاج وتصدير النفط لضمان استفادة الليبيين من موارد الدولة.
من جانبها نقلت وكالة نوفا الإيطالية عن مصادر دبلوماسية غربية في تونس قولها إن خطاب الدبيبة كان مخيبا للآمال موضحة بأنه “قال إنه يريد الذهاب إلى الانتخابات في يونيو، لكنه لم يوضح كيف”.
وبحسب نفس المصادر، تشعر دول مجموعة P3 +2 فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا وإيطاليا، بالاستياء من تأويل الدبيبة للبيان الصادر يوم الجمعة من قبل العواصم الخمس (وليس من قبل السفارات في طرابلس، كما يحدث عادة) على أنه ضوء أخضر لخطته.
وعلى الرغم من رفض تسليم السلطة والتحشيد العسكري إلا أن الطرفين يعدان بعدم العودة إلى مربع الحرب، ويتعهد باشاغا بتسلم السلطة قريبا في طرابلس من نظيره الدبيبة الرافض للتسليم.