بعد إقرار مجلس النواب التعديل الدستوري الثالث عشر، ونشره بالجريدة الرسمية واعتباره نافذا، في ظل تأجيل المجلس الأعلى للدولة جلسة اعتماد الإعلان الدستوري لرابع مرة وسط خلافات بين أعضائه الرافضين والمؤيدين، ها هو المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي يطرح مبادرة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية خلال العام الجاري، ما يطرح تساؤلات حول أي المقاربات أنجع في “فك شفرة” الانسداد السياسي في ليبيا ..التعديل الدستوري أم المقترح الأممي؟
خلال إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، مساء الاثنين، أعلن المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، طرح مبادرة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا خلال العام الجاري.
وقال باتيلي إن طرح المبادرة يستند إلى المادة 64 من الاتفاق السياسي، وبناء على الاتفاقات التي توصلت إليها الأطراف الليبية، وذلك لتيسير اعتماد إطار قانوني وجدول زمني ملزم لإجراء الانتخابات في 2023، ووضع منصة للدفع قدما بالتوافق حول الأمور ذات الصلة، مثل تأمين الانتخابات، واعتماد ميثاق شرف لجميع المرشحين.
وأوضح المبعوث الأممي أن المبادرة ستتضمن تشكيل لجنة فنية توجيهية ستعمل على الجمع بين مختلف الأطراف الليبية المعنية بمن فيهم ممثلو المؤسسات السياسية وأبرز الشخصيات السياسية وزعماء القبائل، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية الفاعلة، وممثلون عن النساء والشباب.
رد رئاسة مجلس النواب حول ما سمته مغالطات باتيلي بشأن فشل مجلسي النواب والدولة في إقرار القاعدة الدستورية لم يتأخر، متهمة البعثة بالتغاضي عن جهات أخرى، ما يضعها في دائرة الكيل بمكيالين، وعدم الحياد بين الأطراف الليبية.
وأضافت رئاسة مجلس النواب أن تحميل البرلمان وحده مسؤولية فشل الانتخابات أمر غير صحيح وينافي الواقع الليبي، مؤكدة العمل مع المجلس الأعلى للدولة والبعثة لإنجاز المطلوب في ظل التعقيدات المحلية والدولية في أقرب الأوقات، داعية “باقي شركاء الوطن” إلى تغليب المصلحة الوطنية لتحقيق إرادة الليبيين في إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
رد ثان على المقترح الأممي جاء من وزارة الخارجية بالحكومة الليبية، مؤكدة أن الاتفاق السياسي الموقع بالصخيرات هو الأساس الذي تستند إليه وتعزز به شرعية مجلسي النواب والأعلى للدولة، مضيفة في بيان لها أن محاولة تجاوز الأجسام السياسية الرسمية لا يساعد في الوصول إلى حلول ناجحة ومرضية، مشيرة إلى أن البعثة ستضع نفسها في موقف متناقض وغير محايد.
بدورها، رئاسة المجلس الأعلى للدولة أكدت لـ أبعاد انعقاد جلسة طارئة الخميس القادم لمناقشة التطورات السياسية ومقترح المبعوث الأممي، ما يجعل الجلسة حاسمة في اعتماد الإعلان الدستوري أو رفضه، ما يعني زيادة الشرخ بالمشهد السياسي الليبي وتعقيده، وجعل مجلس النواب صاحب اليد الطولى في إصدار التشريعات والقوانين ويبقى الجسم التشريعي الوحيد في مواجهة مساعي وأطروحات البعثة في رسم خارطة الطريق لليبيين.
دوليا، لاقت المبادرة الأممية مساندة أمريكية بريطانية وإماراتية، وسط تحفظ روسي ما يؤشر على حدة الخلافات الدولية بشـأن الحل في ليبيا، ويجعل تدخل هذه الدول مؤثرا في المشهد مع تغيير بوصلة الاتجاهات السياسية من خلال نسج التحالفات مع الأطراف السياسية والعسكرية.
في السياق، قالت مصادر دبلوماسية لـ أبعاد، إن التصويت الأولي على مقترح المبعوث الأممي عبد الله باتيلي وظهور “ڤيتو” تسبب في عدم طرح المقترح للتصويت أمام مجلس الأمن الدولي في الجلسة الرسمية.
وأضافت المصادر ذاتها، أن مقترح المبعوث الأممي عبدالله باتيلي تم رفضه من الصين وفرنسا وروسيا وقبوله من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
ويبقى المشهد السياسي الليبي يراوح مكانه دون أي حلول رسمية، فإقرار التعديل الدستوري الثالث عشر يصطدم مرة أخرى بالمقترح الأممي وينذر بتصاعد الخلافات والانقسامات في وضع أمني، لتظل الانتخابات البرلمانية والرئاسية غاية بلوغها يمر عبر مسالك وعرة.
مناقشة حول هذا post