تواصل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مساعيها الحيثية لشفك شفرة الأزمة المتشابكة ولكسر حالة الجمود التي تهيمن على موقفي مجلسي النواب والأعلى للدولة، في محاولة للدفع بمسار خريطة الطريق السياسية التي أطلقتها البعثة في الحادي والعشرين من أغسطس الماضي.
في السياق، قالت المبعوثة الأممية إلى ليبيا، إن 40 عضوا بالمجلس الأعلى للدولة أكدوا أن خارطة الطريق الأممية هي المسار الأكثر واقعية نحو حل سياسي شامل.
وأفادت المبعوثة الأممية، بـأن الأعضاء تعهدوا بتسريع الخطوات العملية، بما في ذلك الانتهاء من إعادة تشكيل مجلس المفوضية الوطنية العليا الانتخابات، والمضي قدمًا بالتعديلات الضرورية في الإطار الانتخابي اللازمة لتمكين إجراء الانتخابات.
وحثت المبعوثة الأممية مجلسي النواب والدولة على الوفاء بمسؤولياتهما واستكمال الخطوات الأساسية لخارطة الطريق السياسية دون مزيد من التأخير.
وأكد أعضاء بمجلس الدولة في بيان مشترك استعدادهم لاتخاذ خطوات عملية لتنفيذ خارطة الطريق الأممية.
وأفاد الأعضاء بأنهم مستعدون لإصلاح الوضع القانوني للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات والتعديل الدستوري اللازم واعتماد تعديلات اللجنة الاستشارية ضمن الآجال المحددة في الخارطة بالشراكة مع مجلس النواب.
وأضاف الأعضاء أن خارطة الطريق الأممية وفرت فرصة سياسية للحل، داعمين إياها باعتبارها المسار الواقعي الأكثر اتزانا لإجراء الانتخابات.
والتقت نائبة الممثلة الخاصة للأمين العام للشؤون السياسية، ستيفاني خوري، الأربعاء، عشرين رئيسا من رؤساء اللجان الدائمة بمجلس النواب بمقره في بنغازي، لمناقشة “الخطوات اللازمة لتنفيذ خريطة طريق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والمؤدية إلى انتخابات وطنية ومؤسسات موحدة، بما في ذلك استكمال تشكيل مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وتعديل الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات”، وفقا لبيان للبعثة اليوم الخميس.
وذكر البيان أن “الاجتماع بحث الاستعدادات الجارية لإطلاق حوار مهيكل يهدف إلى تهيئة بيئة مواتية للانتخابات، ووضع رؤية وطنية موحدة في أربعة محاور رئيسية: الأمن، والحوكمة، والاقتصاد، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان”. وأضاف البيان، أن خوري أكدت خلال الاجتماع أن “الحوار المهيكل يروم الخروج بتوصيات تهدف إلى تعزيز الحوكمة الشاملة في البلاد، وإنهاء الانقسامات، مع تيسير مشاركة عامة أكبر”، مشيرة إلى أن اللقاء انتهى بالاتفاق على توسيع نطاق التشاور بين البعثة وأعضاء مجلس النواب.
وجاء لقاء خوري هذا بعد يوم واحد من اجتماع مماثل عقدته البعثة في طرابلس، حيث التقت الممثلة الخاصة هانا تيتيه بنحو أربعين عضوا من المجلس الأعلى للدولة.
ووفق بيان آخر للبعثة، الأربعاء، فقد ناقشت تيتيه الثلاثاء خلال الاجتماع “تنفيذ خريطة الطريق السياسية”، موضحة أن الأعضاء أعربوا عن دعمهم القوي للخريطة واعتبروها “المسار الأكثر واقعية نحو حل سياسي شامل”، وتعهدوا بتسريع الخطوات العملية، بما في ذلك الانتهاء من إعادة تشكيل مجلس المفوضية والمضي قدما في التعديلات القانونية الضرورية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
من جهته، قال المتحدث باسم البعثة الأممية محمد الأسعدي لـ أبعاد، إن الحوار المهيكل ينطلق داخل ليبيا ويستمر من 4 إلى 6 أشهر على أقصى تقدير.
وأفاد الأسعدي لـ أبعاد، بأن المهلة المحددة بشهرين لإعادة تشكيل مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وتعديل القوانين الانتخابية مربوطة بتوافر الإرادة السياسية.
وأضاف الأسعدي لـ أبعاد، أن الحكومة الجديدة تتشكل بناء على نتائج المشاورات، والبعثة مازالت متمسكة بالعمل مع مجلسي النواب والأعلى للدولة.
وأشار الأسعدي لـ أبعاد، إلى أن البعثة منحت مجلسي النواب والدولة مهلة حتى نهاية نوفمبر لاستكمال المرحلة الأولى من خارطة الطريق.
وكانت البعثة قد أعلنت في 21 أغسطس الماضي خريطة طريق تقوم على ثلاث مراحل أساسية تبدأ بإعادة تشكيل مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وتعديل الإطار الدستوري والقانوني، تمهيدا لتشكيل حكومة موحدة وتهيئة المناخ العام لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عبر حوار مهيكل يشارك في أطياف مجتمعية ومدنية موسعة.
كما أوضحت البعثة أن إنجاز المرحلة الأولى شرط للمضي في المرحلة الثانية والمتعلقة بتوحيد الحكومة والمؤسسات، غير أن المجلسين، بدلا من السير وفق هذا الترتيب، قاما بإدراج منصب مفوضية الانتخابات ضمن ملف المناصب السيادية الشائك الذي يشمل مناصب مثل محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، وهيئة مكافحة الفساد ومكتب النائب العام إذ لم يتوافقا بشأنها منذ سنوات طويلة.
وفي سياق تعقد موقف المجلسين حيال خريطة الطريق، أصدر 70 نائبا بيانا، الأحد الماضي، دعوا فيه رئاسة المجلس إلى تشكيل لجنة تتولى تسلم ملفات المترشحين لتولي المناصب السيادية بالتوافق مع المجلس الأعلى للدولة، لكنهم اشترطوا أن يتم ذلك “حزمة واحدة” متزامنة مع تشكيل حكومة موحدة، بخلاف ما دعت إليه خريطة الطريق من تكون إعادة تشكيل مجلس المفوضية خطوة تمثل المرحلة الأولى بشكل منفصل عن المرحلة الثانية الخاصة بتشكيل حكومة موحدة.
وتأتي هذه التحركات في سياق تسعى فيه البعثة إلى تفكيك مواقف المجلسين المعرقلة التي تحولت، بحسب وصف تيتيه في إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن في الرابع عشر من أكتوبر الجاري، إلى “نمط معتاد”، وأبدت حينها أسفها العميق لأن “توافق المجلسين بات محفوفا بالمخاطر”، نتيجة لاستخدامهما المتكرر لملف المناصب السيادية كذريعة لعرقلة المراحل التمهيدية من خريطة الطريق.
مناقشة حول هذا post