أثارت تصريحات مسؤولين يونانيين بشأن مذكرة التفاهم لترسيم الحدود البحرية بين طرابلس وأنقرة الموقعة عام 2019، غضب سلطات شرق ليبيا التي اعتبرتها استفزازا وتدخلا في السيادة الوطنية.
والأحد الماضي، دعا رئيس البرلمان اليوناني نيكيتاس كاكلامانيس، نظيره رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إلى عدم التصديق على مذكرة التفاهم الليبية التركية الموقعة في عام 2019.
وطالب كاكلامانيس خلال لقائه عقيلة في أثينا بإلغاء المذكرة نهائيا في مرحلة ثانية، معتبرا أن ذلك يصب في مصلحة ليبيا أولا ثم في مصلحة اليونان، وفق ما نشره البرلمان اليوناني.
وكان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بحث مع وزير الخارجية اليوناني جورج جيرابتريتيسو بالعاصمة أثينا تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات وتفعيل التعاون البرلماني المشترك ومناقشة سُبل دعم الاستقرار والسلام في المنطقة.
ورغم أن توقيع الاتفاقية مر عليه نحو 6 سنوات، إلا أن دعوة اليونان البرلمان إلى إلغائها، اعتبرها الليبيون “إملاءات خارجية على القرار الوطني لدولة ذات سيادة”.
وتتعلق الاتفاقية بترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا، بينما رفضتها اليونان بزعم أنها “اعتداء” على منطقتها الاقتصادية.
ويتمحور جوهر الخلاف حول المنطقة البحرية جنوب شرق جزيرة كريت الغنية بمصادر الغاز التي تدعي اليونان أنها “جزء أصيل” من حدودها، بينما دخلت ضمن نطاق مشترك بين ليبيا وتركيا في اتفاق 2019.
النائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة أوحيدة، أصدر بيانا شديد اللهجة.
استغرب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة التصريحات الصادرة عن المسؤولين اليونانيين وآخرها ما نُسب إلى رئيس مجلس النواب اليوناني والتي تتضمن دعوات صريحة إلى التدخل في الشأن الليبي الداخلي.
وشدد دومة على أن ليبيا دولة ذات سيادة كاملة، وهي وحدها الأدرى بمصالحها العليا وكيفية حمايتها، رافضين أي شكل من أشكال التدخل في قراراتها السيادية أو إملاء التوجهات السياسية عليها من أي طرف خارجي.
وأضاف دومة أنه في حال وجود خلافات حول ترسيم الحدود البحرية، فإن الأطر القانونية الدولية هي المرجع لحل النزاعات، وليس عبر التصريحات الإعلامية التي تفتقر إلى الدبلوماسية.
وأهاب دومة بالجانب اليوناني الالتزام بضبط النفس واحترام السيادة الليبية والكف عن محاولات التدخل في الشأن الداخلي الليبي.
وفي سياق ردود الفعل، أصدر رئيس الحكومة في بنغازي أسامة حماد، بيانا الاثنين قال فيه إن حكومته تؤكد أن ليبيا دولة ذات سيادة راسخة لا تقبل المساس بحقوقها البحرية أو التشكيك في اتفاقياتها الثنائية المشروعة.
وأوضح أن ليبيا “لا تسمح لأي طرف خارجي بالحديث نيابة عنها أو التدخل في خياراتها القانونية والدبلوماسية التي تخدم مصالح شعبها وتضمن حقوقه التاريخية في شرق المتوسط”.
وأبدي حماد استغرابه قائلا: “كيف لممثلي السلطة في دولة اليونان والتي يرتهن قرارها لإرادة الدول المانحة والمقرضة والمؤسسات المالية الدولية بأن يتوجهوا بإملاءات للسلطة التشريعية الليبية بعدم المصادقة على مذكرة التفاهم الليبية التركية، حسب ما ورد بتصريحاتهم الرسمية في تدخل صارخ في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة كاملة مثل ليبيا”.
وأشار حماد إلى أن بلاده “تتمسك بحقها الثابت في المنطقة الاقتصادية الخالصة شرق المتوسط وفقا للأطر والمواثيق القانونية والدولية”،وتتمسك أيضا بحقوقها السيادية في اتخاذ كل ما يلزم لحماية هذه الحقوق والمكتسبات التي يفرضها موقعها الجغرافي مع احترام ما تقتضيه مبادئ حسن الجوار للدول المجاورة لها.
ولفت حماد إلى أن حكومته “لا تعترف بأي اتفاقات أو مفاوضات ثنائية أو إقليمية تبرمها السلطات اليونانية والتي من شأنها المساس بالمصالح والحقوق الليبية الثابتة”.
واعتبر حماد أن ما صدر من تصريحات غير مسؤولة من المسؤولين اليونانيين لا تخدم الاستقرار الإقليمي ولا تنسجم مع تطلعات شعوب المنطقة نحو علاقات قائمة على التفاهم والتعاون وحسن الجوار، بل تعكس توترا سياسيا داخليا يونانيا تحاول أثينا تصديره إلى الخارج عبر التصعيد اللفظي والادعاءات غير الواقعية؟
ودعا الجانب اليوناني إلى “الكف عن التصريحات الاستفزازية واتباع قواعد القانون الدولي في المطالبة بالحقوق، إن وجدت”.




مناقشة حول هذا post