عاد موضوع الاستفتاء على عدد من القضايا الخلافية في ليبيا من قبل القوى المسيطرة على طرابلس، مثيرا جدلا واسعا ومخاوف من تعميق حالة التشظي والانقسام السياسي والأزمة الاقتصادية.
و في 11 أغسطس 2024 أصدر رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي قرارا بإنشاء “المفوضية الوطنية للاستفتاء والاستعلام الوطني” لغرض تنفيذ الاستفتاءات والاستعلامات الوطنية، من الإعداد والتحضير إلى الإشراف على التصويت وفرز النتائج، بالإضافة إلى تسجيل المواطنين الراغبين في المشاركة في الاستفتاءات وفقا للقوانين الانتخابية وتوزيع مراكز الاستفتاء وفقا للدوائر الانتخابية المعتمدة.
ومنح القرار المفوضية سلطة اعتماد المراقبين المحليين والدوليين، وكذلك اعتماد الإعلاميين المحليين والدوليين لضمان التغطية الشاملة و الشفافية في العرض المباشر أو غير المباشر للعملية الانتخابية.
وبحسب القرار فإن المفوضية هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، وتتخذ من طرابلس مقرا لها مع امكانية ممارسة مهامها في أي مدينة أخرى بموافقة رئيس المجلس الرئاسي. وتكون قراراتها علانية ولا يجوز التدخل في اختصاصها، كما سيكون لها فروع داخل ليبيا.
ووفقا للقرار فإن رئيس المجلس الرئاسي هو من يحدد الموضوعات التي تتطلب إجراء عملية الاستفتاء والموافقة على نتائجها، مع ضمان حياد المفوضية والتزامها بشفافية العملية التي تجرى تحت إشرافها.
وفي أغطس الماضي، طالب مجلس النواب رئيس المجلس الرئاسي بسحب قراره القاضي بشأن إنشاء هيئة مستقلة للاستفتاء والاستعلام، عادّا ذلك خطوة خطيرة وغير مبررة.
واعتبر المجلس في بيان له القرار مخالفا للإعلان الدستوري مؤكداً بطلانه، داعيا جميع المؤسسات المعنية لعدم الاعتداد به أو العمل بما جاء فيه، لافتا إلى أن الرئاسي تجاوز صلاحياته المقررة باتفاق جنيف وتعداها إلى اختصاصات دستورية يحتاج الخوض فيها إلى توافق وطني.
كما اعتبر المجلس أن هذه الخطوة لا يمكن أن يقوم بها طرف بمفرده في ظل الظروف الانتقالية التي تمر بها البلاد، متحفظا في الوقت ذاته عن تجاوزه لمفوضية الانتخابات بإنشاء هيئات بذمة مالية مستقلة، مشيرا إلى أن المفوضية هي الوحيدة المخولة بأي مهام تتعلق بالانتخابات أو الاستفتاءات ولا مبرر لإنشاء مؤسسات موازية
وبحسب مراقبين، فإن الدبيبة هو الذي يقود خطة تنظيم استفتاءات لحسم ملفات خلافية وجدلية يراها ضرورية في المواجهة المفتوحة بينه وبين مجلس النواب وسلطات المنطقة الشرقية في ظل استمرار حالة الانقسام السياسي والحكومي والعسكري، وأن الهدف الأول المطروح حاليا هو السلطة التشريعية مجلس النواب في ظل انقسام ما يراه “مجلس الدولة”.
وكان المنفي والدبيبة اتفقا في الثالث من أكتوبر الجاري على تفعيل مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني في إطار الجهود المبذولة لدفع المسار الديمقراطي، مع التأكيد على أن المرحلة تتطلب تنسيقًا فعالًا بين مختلف الجهات لضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي بما يخدم مصالح الشعب الليبي.
وتعليقا على قرار المنفي بإصدار قرار المفوضية الوطنية للاستفتاء، قال الباحث المتخصص في الشؤون الليبية جلال حرشاوي، إن قرار المنفي لن يطبق في مناطق نفوذ حفتر في الشرق والجنوب وعدد من المدن في الغرب وسيُبقي الرئاسي وحيدا مع نفسه مع الحكومة.
ويشير متابعون للشأن الليبي إلى أن الاهتمام بموضوع الاستفتاء يأتي وسط اندفاع المجلس الرئاسي وحكومة في طرابلس إلى فرض قرارهما في خضم حرب الإرادات الباردة بين قوات غرب ليبيا وشرقها لاسيما أن القوى الأساسية في طرابلس تحاول الاستفادة في الاستفتاء من وجود غالبية الناخبين الليبيين في المنطقة الغربية ذات الكثافة السكانية الأكبر في البلاد.
وترى أوساط ليبية أن المجلس الرئاسي ينفذ خطة الدبيبة في الضغط على البرلمان، لتعميق الهوة بين سلطات طرابلس وبنغازي بما يؤدي إلى استدامة الأزمة وتجميد الوضع.
مناقشة حول هذا post