أثارت تصريحات وزير التربية والتعليم بالحكومة في طرابلس، علي العابد التي أطلقها في لقاء تلفزيوني، إشارات مباشرة إلى أن هناك معلمين “يتعاطون المخدرات”، موجة من الغضب والاستياء في الأوساط التربوية والتعليمية، بعدما تضمنت إساءة صريحة ومباشرة للمعلمين الليبيين.
وأشعلت التصريحات فتيل الخلاف بين رأس المؤسسة التعليمية والهيئة النقابية التي تمثل آلاف المعلمين في مختلف ربوع البلاد، مما فتح الباب أمام أزمة ثقة قد تعيق العملية التربوية برمتها في ظل الظروف السياسية المعقدة التي تمر بها البلاد.
وتعتبر النقابة العامة للمعلمين الليبيين أن هذا التناول العلني للموضوع يمثل مساسا غير مقبول بكرامة شريحة أساسية من موظفي الدولة، مؤكدة أن ما ورد على لسان الوزير لا يليق بمقام المعلم ولا بدوره الوطني والتربوي.
وقالت النقابة، في بيان لها، إنها تابعت بأسف واستنكار بالغ تلك التصريحات التي تحدث فيها العابد، في لقاء تلفزيوني، عن وجود معلمين “يتعاطون المخدرات”، مشددا على ضرورة معرفة “تاريخ كل معلم”.
وشددت النقابة على أن المعلم الليبي، رغم ما يواجهه من تحديات وظروف صعبة، ظل يؤدي رسالته التربوية بإخلاص وتفان، معتبرة أن أي محاولة للنيل من كرامة المعلم أو التقليل من شأنه تعد مساسا بقيمة التعليم وبهيبة الدولة.
وطالبت النقابة وزير التربية والتعليم المكلف بتقديم اعتذار علني وفوري للمعلمين وللأسرة التربوية كافة، داعية الحكومتين في طرابلس وبنغازي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية كرامة المعلم ورد اعتباره.
ووفقا للبيان، تحتفظ النقابة بحقها القانوني في اتخاذ الخطوات المناسبة دفاعًا عن المعلمين ومكانتهم، مؤكدة أن “كرامة المعلم خط أحمر لا يُقبل المساس به تحت أي ظرف”.
من جهتها، سارعت وزارة التعليم إلى إصدار بيان توضيحي الخميس بشأن ما نسب للوزير، مؤكدة أن حديث العابد “لم يكن تعميما أو مساسا بالمعلمين، وإنما جاء وفق تقارير لبعض الحالات”.
وأشارت الوزارة إلى ضرورة اتخاذ “إجراءات حازمة لتنظيم العملية التربوية، و(تنفيذ) ضوابط خاصة لاختيار المعلمين والتحليل الطبي كإجراء تنظيمي وفق ما نص عليه قانون العمل في سياق مناقشة سُبل حماية البيئة التعليمية من أي سلوكيات سلبية”، الأمر الذي يضع القضية في إطار التنظيم الإداري وحماية المصلحة العامة.
ودعا الوزير نقابة المعلمين إلى “الجلوس على طاولة الحوار” والتنسيق المشترك، وذلك في محاولة لطي صفحة الخلاف وبدء مرحلة تعاون.
ويهدف هذا الحوار المقترح، وفق البيان، إلى “وضع برامج عملية تُسهم في تعزيز بيئة مدرسية آمنة”، مما يدل على اعتراف ضمني بضرورة التهدئة والعمل المشترك مع النقابة.
وأكدت الوزارة في بيانها أن الوزير “يُقدر ويحترم جميع المعلمين والمعلمات”، مشددة على الالتزام بتوفير الدعم اللازم لهم، وأن الهدف المشترك هو “بناء منظومة تعليمية قوية وآمنة تُنير دروب الأجيال المقبلة” سعيا لتوحيد الرؤى وتجاوز هذه الأزمة الحساسة.
مناقشة حول هذا post