بعد اتفاق الصخيرات وجولات مكوكية بين مدن مغربية من أجل التوافق على المناصب السيادية السبعة، حطت لجنة 6+6 المشتركة بين مجلسي النواب والأعلى للدولة الرحال في أبوزنيقة وهذه المرة من أجل التوافق على القوانين الانتخابية لإخراج ليبيا من مأزق الانسداد السياسي والمراحل الانتقالية التي أنهكت كاهل الدولة والمجتمع.
من أبوزنيقة، وبرئاسة رئيس لجنة الستة بمجلس الدولة عمر أبوليفة ونظيره بمجلس النواب جلال الشويهدي وحضور وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أكدت لجنة 6+6 أن عملها يركن إلى أساس دستوري محلي ودعم دولي وأن ما توصلت إليه نهائي وملزم للبرلمان لإصداره، مضيفة أن قوانين الانتخابات الرئاسية ومجلس الأمة كانا بالتوافق بين الأعضاء ما يبدد مخاوف كافة الأطراف الفاعلة المتصارعة في المشهد السياسي الليبي ولن تكون ملبية لطموح كل طرف لوحده.
وأضافت لجنة 6+6 أن جميع المخرجات تمت بحضور أحد الخبراء التابع للأمم المتحدة وبالتشاور مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، مردفة أنها لن تلتفت للأصوات المحبطة التي تسعى للنيل من الإنجاز الذي تحقق وإيقاف قطار الانتخابات وتجديد الشرعية.
المجلس الأعلى للدولة ولشرعنة اتفاق أبوزنيقة، عقد رئيسه “خالد المشري” رفقة رئيس لجنة إعداد القوانين الانتخابية بالمجلس “عمر أبوليفة” اجتماعا في طرابلس حضره كل من نائب المبعوث الأممي إلى ليبيا “ريزيدون زينينغا” وسفير الاتحاد الأوروبي “خوسيه ساباديل” والسفيرة البريطانية “كارولين هورندال” والسفير الفرنسي “مصطفى مهراج” والسفير التركي “كنعان يلماز” والسفير المصري “مصطفى تامر” والقائم بأعمال السفارة الإيطالية “ميكائيل روسي” وانضم إلى الاجتماع عن طريق الاتصال المرئي (zoom) كل من مبعوث الرئيس الأمريكي “ريتشارد نورلاند” والسفير الألماني السيد “ميخائيل أونماخت” والقائم بأعمال السفارة الأمريكية “ليزي أولدمان”.
وتناول الاجتماع الموسع إحاطة ونقاشا حول نتائج لجنتي (6+6) المختصتين بوضع القوانين المنظمة للعملية الانتخابية.
واتفق الحاضرون على الإشادة بعمل اللجنتين وما بذلوه من جهود أفضت إلى إصدار قوانين انتخابية، كما أكدوا على ضرورة استكمال هذا المسار بإعداد خارطة طريق واضحة لإجراء الانتخابات.
ولتسريع العملية ورمي الكرة في ملعب مجلس النواب، أحال رئيس لجنة 6+6 عن المجلس الأعلى للدولة عمر أبوليفة على رئيس مجلس النواب عقيلة صالح رسميا مشروع قانون انتخاب رئيس الدولة، ومشروع قانون انتخاب مجلس الأمة؛ وذلك لإصدار القانونين طبقا لما نصت عليه المادة 30 من التعديل الدستوري الثالث عشر.
والاثنين الماضي، استأنف المجلس الأعلى للدولة جلسته “السابعة والثمانين” برئاسة “خالد المشري” في مقر المجلس بالعاصمة طرابلس، وتم خلال الجلسة استعراض تقرير اللجنة المشتركة (6+6) التي أفضت إلى إصدار القوانين الانتخابية لمجلس الأمة ورئيس الدولة، كما تمت مناقشة إعداد مقترح خارطة طريق تفضي إلى إنجاز الاستحقاق الانتخابي في أقرب الآجال.
رد مجلس النواب، لم يتأخر حول القوانين الانتخابية، حيث قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إن صياغة قانون انتخاب الرئيس من جولتين يراد بها إفشال الانتخابات.
وأفاد عقيلة في جلسة عقدها مجلس النواب، الاثنين الماضي، في مقره بمدينة بنغازي، تطرقت إلى القوانين الانتخابية وعمل لجنة 6+6 بأن مجلس النواب ملزم بإصدار القوانين الانتخابية كما جاءت من لجنة 6+6 وفق التعديل الدستوري.
وزاد صالح، في كلمته في افتتاح الجلسة، أنه التقى رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، في المغرب، للاطلاع على “مسودة اتفاق لجنة 6+6″، مبديا رأيه في نقطتي الخلاف الرئيستين وهما ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين.
وفي إشارة لرفضه تنازل مزدوج الجنسية عن جنسيته في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية كشرط لترشحه لها، قال “وجدت أن نص انتخاب الرئيس من جولتين، المقصود به تعطيل الانتخابات”، مشيرا إلى أن الخلاف حول “إجراء جولة ثانية من السباق الانتخابي بشكل إجباري”.
وقال “حتى لو تحصل المترشح على 99% من الأصوات يجب أن تجري جولة انتخابية ثانية، وهذا شيء عجيب وغير مسبوق ولم نسمع به في انتخابات دول العالم”
وتابع “أنا مع الجميع في أن الرئيس لا ينبغي أن يحمل جنسية أخرى، لكن الليبيين مروا بظروف اضطرتهم لأخذ جنسية أخرى، وأنا اقترحت أن يتنازل المترشح عن جنسيته الثانية فور فوزه، ويعطى مهلة 15 يوما للتنازل عنها، وفي حال لم يفعل المترشح تتم تسمية المترشح الثاني رئيسا للبلاد، وإذا لم يحصل على أصوات كافية تجرى جولة بين المترشحين الثاني والثالث”.
وأضاف “وكان هناك اقتراح من وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بأن لا يتم إعلان نتيجة الانتخابات قبل تنازل المرشح الفائز عن جنسيته الأخرى”، مؤكدا أن رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، سمع كل هذه المقترحات، إلا أنه لم يبد رأيه فيها حتى الآن.
وحول العسكريين وإمكانية ترشحهم للانتخابات، قال صالح: “يجب اعتبار المترشح سواء كان عسكريا أو مدنيا، مستقيلا بقوة القانون عند تقدمه للانتخابات ويرجع إلى سابق عمله في حال عدم فوزه”.
وأشار رئيس مجلس النواب إلى أنه لم يرغب في الذهاب إلى المغرب، لكن ذهب بطلب من الجانب المغربي ليكون داعما سياسيا لاتفاق لجنة 6+6، لافتا إلى أن رئيسي مجلسي النواب والدولة لا يحق لهما التوقيع على اتفاق أبوزنيقة بحسب التعديل الدستوري.
عقيلة لم يقف عند هذا الحد، وأكد لـ “القاهرة الإخبارية”، إنهم اتفقوا على تشكيل حكومة جديدة محايدة مهمتها إجراء الانتخابات بـ 15 وزيرا وهو أمر قبل به الجميع.
وبين التراشق السياسي بين مجلسي النواب والدولة، شمرت المفوضية الوطنية العليا لانتخابات عن ساعدها، ووجه رئيسها عماد السايح، خطاباً إلى مجلسي النواب والأعلى للدولة، ضمنه جملة من الملاحظات حول القوانين الانتخابية التي أعدتها لجنة 6+6 المشكّلة من المجلسين، وأكد أن اللجنة لم تطلع المفوضية على القوانين قبل تصويتها عليها وإقرارها في ختام اجتماعاتها في مدينة بوزنيقة المغربية.
وأكد السايح في خطابه الموجه للمجلسين في 12 يونيو، أنّ المفوضية لم تتسلم من اللجنة القوانين الانتخابية وأن ملاحظاتها رصدتها اعتماداً على النسخ المتداولة “عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي” والمتداولة “خارج الدوائر الرسمية للدولة”.
عبر رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح عن أسفه من عدم إرسال اللجنة المشتركة 6+6 أي نسخة رسمية إلى المفوضية العليا للانتخابات، وأن ما لديهم مجرد نسخ عبر مواقع التواصل الاجتماعي خارج الدوائر الرسمية للدولة.
وأكد عماد السايح في رسالة إلى المجلس الأعلى للدولة بشأن ملاحظاته على قوانين لجنة 6+6، حرص المفوضية على التواصل مع اللجنة من أجل تقديم المشورة الفنية دعما لمخرجاتها وتجنبا لطلب تعديل ما يصدر عنها من تشريعات ملزمة ونهائية بحكم المادة الثلاثين من التعديل الدستوري الثالث عشر، مقدرا مجهودات اللجنة في صياغة القوانين الانتخابية.
ورأى السايح أن مخرجات اللجنة قد وضعت الإطار القانوني الصحيح لإجراء العمليات الانتخابية المنصوص عليها في التعديل الدستوري، إلا أن بعض النصوص والمواد تتطلب ضرورة إعادة النظر بما يمكن المفوضية والشركاء وذوي المصلحة من الانخراط في تنفيذها.
وأفاد رئيس مفوضية الانتخابات بأن إشارة اللجنة إلى قانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون العقوبات المدنية والعسكرية يُبقي المجال مفتوحا أمام الطعون حتى بعد العملية الانتخابية، الأمر الذي يشكل خطرا على شرعية واستقرار السلطات المنتخبة ويعطي فرصة بعدم القبول بنتائجها.
وشدد أنه فنيا ووفق المعايير والمبادئ المتعارف عليها دوليا، لا يمكن إجراء العمليات الثلاث في الجولة الثانية بشكل متزامن وفي يوم اقتراع واحد، حيث ستعمّ الفوضى في مراكز الانتخاب وتقع فريسة التزوير ويطوّل مرحلة العد والفرز، ما يزيد فرصة التهديدات الأمنية ساعة ظهور النتائج الأولية، إضافة إلى أن محطات الاقتراع لن تكون قادرة على استيعاب أعداد الناخبين بسب طول الفترة التي يقضيها الناخب في التصويت في 5 أو 6 صناديق في بعض الدوائر.
وتابع أن هناك العديد من المقترحات التي يمكن تبنيها في سبيل تحقيق التزامن بين العمليات الانتخابية الثلاث، خاصة وأنها مرتبطة بنجاح الانتخابات الرئاسية، فلن يكون هناك عذر للتخوف فيما لو نجحت الانتخابات الرئاسية خاصة في جولتها الأولى.
وأشار رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إلى أن المفوضية سوف تطلب من المترشح عما إذا كان يحمل جنسية بلد آخر، فإذا أقر فسيتم استبعاده، وإن أخفى وتبين بعد ذلك فإنها تعد وفق القانون جريمة انتخابية لإدلائه بمعلومات كاذبة.
وزاد أن نشر قوائم المزكين يعد خرقا لمبدأ السرية؛ إذ يمكن معرفة تصويت الناخب مسبقا من خلال تزكيته لمترشح ما، إضافة إلى ضرورة إعادة صياغة المادة 42 التي تنص بالصيغة الحالية على عدم جواز الطعن في بقية شروط الترشح باستثناء شرط الجنسية.
كما نبه السائح إلى أن إلغاء نتيجة أي مركز من مراكز الاقتراع هي من صلاحيات المفوضية، مطالبا بتعديل مواد من الفصل التاسع بعضها أغفل قوانين، والآخر يحتاج إلى تصحيح.
وأشار السايح إلى وجود خطأ في توزيع المقاعد بين القوائم والأفراد وفقا لجدول توزيع المقاعد، حيث القوائم 154 بدلا من 155، والأفراد 143 بدلا من 142، لافتا إلى تخصيص مقاعد المرأة في الدائرتين 17، 18 الواردة بجدول توزيع مقاعد مجلس النواب.
وذكر السايح أن مضمون المادة 25 يتعارض مع سرية نزاهة العملية الانتخابية، وأن تطبيقها لا يتأتى لوجوب موافقة الناخب على تسليم معلومات تخصه لحزم ما، وعدم تعريف المقصود بـ” اللجنة الانتخابية” وصفاتهم، فإذا كان المقصود بها لجان الاقتراع داخل مراكز الانتخاب فإذ ذلك يعد مساسا بنزاهة العملية الانتخابية.
المجلس الرئاسي، عبر المجلس الرئاسي على لسان الناطقة باسمه “نجوى وهيبة” عن ترحيبه بنتائج اجتماعات لجنة (6+6) في بوزنيقة.
وقالت الناطقة باسم الرئاسي “نجوى وهيبة” في تصريح لوكالة الأنباء الليبية إن المجلس يتطلع إلى أن يصدر مجلس النواب القوانين الانتخابية بشكلها النهائي، مضيفة أن المجلس ورئيسه “محمد المنفي” يدعمان كل ما يؤدي لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية غير إقصائية، ودون تأجيل، حسب تعبيرها.
وأبدت وهيبة استعداد الرئاسي للتشاور الموسع مع كل المؤسسات المعنية والقوى الوطنية؛ بمشاركة البعثة الأممية لضمان استمرار الاستقرار الحالي وتهيئة الأجواء للانتخابات
حزبيا، رحب الحزب الديمقراطي بالتوافق وإجماع أعضاء لجنة 6+6 الذي صدرت عنه القوانين الانتخابية والتي تعد نهائية وملزمة وفقا للتعديل الدستوري الـ 13
وأشاد الحزب الديمقراطي بإقرار حق الأحزاب في المشاركة السياسية من خلال النص على أن يكون لها 60% من مقاعد مجلس النواب.
وأضاف الحزب الديمقراطي، أن إنجاز هذه القوانين سيكشف مدى جدية كل الأطراف المحلية والخارجية في دعم الاستحقاق.
بدوره، ثمن تجمع الأحزاب الليبية جهود لجنة 6+6 التي أثمرت بالقوانين المتعلقة بانتخابات مجلس الأمة ورئيس الدولة، وأفادت الأحزاب الليبية بأن التوافق على هذه القوانين بالإجماع بين أعضاء اللجنة يجعلها ملزمة بحسب نص التعديل الدستوري الـ 13
وأشادت الأحزاب الليبية، بما تضمنه قانون انتخاب مجلس الأمة من تمكين للأحزاب وضمان لمشاركتها السياسية، داعيا كافة الأطراف المحلية والخارجية إلى دعم مخرجات لجنة 6+6، وحثت الأحزاب الليبية المبعوث الأممي عبدالله باتيلي على التجاوب بفاعلية معها للدفع بالعملية السياسية نحو الانتخابات ومنع محاولات العرقلة والإفشال من الأطراف المستفيدة.
البعثة الأممية، أفادت بأنها تدرك أن العناصر الأساسية في القوانين الانتخابية والقضايا المرتبطة بها تتطلب قبولا ودعما من مجموعة واسعة من المؤسسات الليبية، وممثلي المجتمع المدني – بما في ذلك النساء والشباب – والأطراف السياسية والأمنية الفاعلة، كي يتسنى إجراء انتخابات شاملة وذات مصداقية وناجحة.
وقالت البعثة في بيان لها إنها ستواصل العمل مع جميع المؤسسات الليبية المعنية، بما في ذلك المجلس الرئاسي، لتيسير مشاورات بين جميع الأطراف الفاعلة لمعالجة المواد الخلافية في القوانين الانتخابية، وتأمين الاتفاق السياسي اللازم لوضع البلاد على طريق الانتخابات، وتوفير بيئة متكافئة للتنافس الانتخابي بين جميع المترشحين.
ودعت جميع الأطراف الفاعلة في ليبيا إلى الانخراط، بروح من التوافق، في مساعي معالجة جميع القضايا العالقة وخلق بيئة أوفر أمانا وأكثر ملاءمة لإجراء الانتخابات في عام 2023.
وحثت البعثة جميع الفاعلين على الامتناع عن أساليب المماطلة الهادفة إلى إطالة أمد الأزمة السياسية التي سببت الكثير من المعاناة للشعب الليبي.
وتماشيا مع ولايتها، جددت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تأكيد التزامها بإجراء انتخابات شفافة وشاملة وذات مصداقية للسماح للشعب الليبي باختيار ممثليه بحرية، وتجديد شرعية مؤسسات البلاد.
وبين هذا الكم الهائل من المتدخلين في المشهد السياسي الليبي لاسيما جانب الانتخابات البرلمانية والرئاسية فيه، وبين الدعوات الداعمة والرافضة والمتحفظة، يظل المشهد الانتخابي في ليبيا بين مد وجزر وسط تضارب المصالح المحلية والدولية.
مناقشة حول هذا post