أثارت الاتفاقية التي وقعها وزير النفط المكلف بحكومة الدبيبة محمد الحويج مع وزير الطاقة التركي فاتح دونماز في مجال الاستثمار النفطي في المنطقة البحرية الليبية الواقعة في الشرق جدلا واسعا للغاية في الشارع الليبي، وبمنصات التواصل الاجتماعي، بين مؤيد ومعارض، وآخر متسائل عن حقيقتها، وما مدى نفعها للاقتصاد الليبي، فما هي بنودها؟ وماذا قالت عنها الجهات المحلية والدولية؟
بداية القصة
بدأت القصة حين قال وزير النفط بحكومة الدبيبة محمد عون، الاثنين الماضي، لـ أبعاد، إنه فوجئ بقرار الدبيبة بتكليف وزير الاقتصاد محمد الحويج بمهام وزير النفط، لافتا إلى أن تكليفه ربما يكون لتمرير بعض الصفقات النفطية في مجال النفط مع الجانب التركي “للأسف الشديد” حسب تعبيره.
ليتولى الحويج فعلا توقيع المذكرة خلال يوم الثلاثاء عقب وصول الوفد التركي إلى مقر رئاسة الوزراء بالعاصمة طرابلس؛ لتوقيع عدة اتفاقيات في المجالات النفطية، والأمنية، والإعلامية.
وعلى الرغم من أن عون صرح لمنصة “حكومتنا” التابعة لحكومة الدبيبة أنه تأكد من تضمين الملاحظات التي أوردها سابقا على الاتفاقية مع تركيا، ولا مانع لديه من توقيعها مع الجانب التركي، فإنه عاد ليناقض نفسه من جديد.
فقد ذكر، في مقابلة مع قناة الوسط، أنه أبلغ مدير مكتبه بتضمين ملاحظاته على الاتفاقية النفطية مع تركيا ولكنه لم يتسلّم نسخة منها، وفق قوله.
ما هي بنودها؟
لم تنشر حكومة الدبيبة نص الاتفاقية حتى الآن، وإنما اكتفت بمنشور على فيسبوك للناطق باسمها محمد حمودة الذي ذكر نقاطا مقتضبة تتلخص في تعزيز التعاون بمختلف أشكاله في مجال الهيدروكربونات.
إلى جانب تأسيس شركات مشتركة بين المؤسسة الوطنية للنفط والمؤسسة التركية ودعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتطوير المشاريع المتعلقة بالاستكشاف والإنتاج والنقل والتنقيب والتجارة للنفط والغاز والهيدروكربون وفق الإجراءات والقوانين المتبعة في ليبيا.
صحيفة المرصد الليبية تحصلت على نسخة من المذكرة، ونشرت بنودها بالكامل وهي في النقاط الآتية:
– التعاون في مشاريع تطوير واستخدام الموارد الهيدروكربونية (جميع أنواع الغازات والنفط).
– المشاريع تشمل الاستكشاف والإنتاج والنقل والتكرير وتوزيع وتجارة المحروقات.
– إنتاج وتجارة النفط والغاز والبتروكيماويات والمنتجات البترولية المكررة.
– ضمان استكشاف وتطوير وزيادة إنتاج الهيدروكربونات للطرفين.
– يتفق الطرفان على ضمان تحقيق المشاريع المتكاملة من أجل تعزيز التنقيب عن الموارد البرية والبحرية.
– المشاريع تشمل التطوير والإنتاج ويضمن الطرف الليبي دعوة المؤسسة الوطنية للنفط الليبية للشراكة.
– المؤسسة الليبية تدعو مؤسسة النفط التركية وشركاءها للمشاركة في المشاريع البرية والبحرية في ليبيا.
– تضمن ليبيا أن تقوم مؤسسة النفط الليبية بإبرام الاتفاقات والعقود مع مؤسسة النفط التركية لتنفيذ العمليات البترولية.
– من هذه العمليات مثلا التقييم و التنقيب والتطوير والإنتاج والفصل والمعالجة والتخزين والنقل في الحقول والمناطق البرية والبحرية الحالية والمستقبلية التي تفضل مؤسسة النفط التركية العمل بها في ليبيا.
– يشجع الطرفان مؤسسة النفط الليبية وشركة أنابيب البترول التركية على إقامة شراكات مشتركة وتعزيز شركات الخدمات في مجال الهيدروكربونات.
– يقيم الطرفان شراكات ودعم استخدام سفن البحث والحفر التي تستخدمها شركة الأنابيب التركية وشركاؤها من أجل استكشاف وتطوير وإنتاج الموارد الهيدروكربونية البرية والبحرية الحالية والمستقبلية في ليبيا.
– يتفق الطرفان على التعاون في تطوير وتشغيل أنظمة أنابيب النفط والغاز القائمة أو الإضافية في ليبيا.
– يتوجب على الأطراف دعم تنفيذ المشاريع من قبل شركة الأنابيب التركية وشركائها.
– يجوز إنهاء مذكرة التفاهم هذه من قبل أي من الطرفين في أي وقت بمهلة 3 أشهر كتابيا مسبقا للطرف الآخر.
– إنهاء أو انتهاء صلاحية مذكرة التفاهم هذه لا يؤثر على الأنشطة والمشاريع الجارية بالفعل أو المنفذة.
– تُكتب المذكرة باللغات التركية والعربية والإنجليزية وتُعتبر جميع النصوص متساوية في الحجية.
– في حالة وجود أي اختلاف في التفسير يسود النص الإنجليزي.
الدبيبة: الاتفاقيات تخدم مصالح الشعب
عبد الحميد الدبيبة قال، في تدوينة على فيسبوك، إن الاتفاقيات التي تم توقيعها مع تركيا تخدم مصالح الشعب الليبي العليا، دون أن يقدم جوابا لسؤال الليبيين المطالبين بتوضيح لتفاصيل هذه الاتفاقيات.
لجنة الطاقة البرلمانية: الاتفاقية باطلة
رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس النواب عيسى العريبي علق على الاتفاقية باعتبارها “غير قانونية وغير شرعية” لأنها صدرت عن حكومة سُحبت منها الثقة، وانتهت بانتهاء اتفاق جنيف، وتكليف حكومة جديدة من مجلس النواب.
وقال العريبي، في تسجيل مصور، إن اتفاق جنيف نفسه لا يتيح لهذه الحكومة توقيع اتفاقيات أو معاهدات طويلة المدى؛ حتى لا ترتب التزامات على الدولة الليبية، لافتا إلى أن حكومة الدبيبة لا تسيطر إلا على 20% من الأراضي الليبية، فيما تسيطر الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا على الجزء الأكبر منها.
الحكومة الليبية تعلق
الحكومة الليبية بقيادة فتحي باشاغا أبدت رفضها لاستمرار الحكومة المنتهية الولاية مسحوبة الثقة فاقدة الشرعية توقيع التزامات على الدولة الليبية، مؤكدة أن الاتفاقيات هي حق أصيل لسلطة منتخبة من الشعب الليبي بشكل مباشر وتعبر عن إرادته وسيادة قراره فوق أرضه.
وشددت الحكومة، في بيان، على أنها ستبدأ في التشاور المباشر مع الشركاء الوطنيين والإقليميين والدوليين؛ للرد بالشكل المناسب على هذه التجاوزات التي تهدد مصلحة الأمن والسلم في ليبيا بشكل خاص والمنطقة بشكل عام.
امتعاض دولي
بدأت أولى ردود الفعل الدولية عبر وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره اليوناني نيكوس ديندياس اللذين أكدا خلال اتصال هاتفي أن حكومة الدبيبة المنتهية الولاية لا تملك صلاحية إبرام أية اتفاقيات دولية أو مذكرات تفاهم.
المتحدث الرئيس للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو ذكر أن الاتفاقية المبلغ عنها بشأن الهيدروكربونات الموقعة بين ليبيا وتركيا تتطلب مزيدا من التوضيحات وهي تستند إلى مذكرة تتعارض مع قانون البحار وتنتهك حقوق الدول الأخرى، مؤكدا أنه يجب تجنب ما من شأنه أن يقوض الاستقرار الإقليمي.
ردود فعل وضجة واسعة أثارتها مذكرة التفاهم منذ اليوم الأول من توقيعها، ما يشي بأن ما خفي أعظم مما ظهر للعلن، لاسيما مع دفع مسؤولين إقليميين ودوليين للمسارعة بانتقادها، وهو ما يزيد من المخاوف بشأن أن تكون واحدة من بين مخططات حكومة الدبيبة للاستمرار في التمترس بالسلطة على الرغم من انتهاء ولايتها.
مناقشة حول هذا post