بعد إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي أمام مجلس الأمن في السابع والعشرين من فبراير الماضي، والتي أعلنها فيها عزمه إنشاء لجنة توجيه رفيعة المستوى في ليبيا للدفع قدما بالتوافق على الأمور ذات الصلة، مثل تأمين الانتخابات، واعتماد ميثاق شرف لجميع المرشحين، كثف المبعوث الأممي اجتماعاته مع الأطراف السياسية والقيادات العسكرية، بل طال الأمر زيارة دول جوار ليبيا من أجل بحث حل لإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب بغية توفير بيئة آمنة للانتخابات.
وعقب الإحاطة الأممية ومن العاصمة طرابلس، قال المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، إن الفريق رفيع المستوى طريقة جديدة لضمان ملكية وطنية ليبية، بالإضافة إلى مجلسي النواب والدولة.
وأضاف باتيلي في مؤتمر صحفي، أن أعضاء الفريق رفيع المستوى لن يتم اختيارهم من طرف البعثة الأممية، وأن كل القضايا السياسية سيتم تناولها خلال المشاورات بين مختلف شرائح المجتمع عن طريق الحوار في اللجنة رفيعة المستوى من خلال حث الأطراف السياسية على تضمينها في الحوار.
وأفاد المبعوث الأممي بأن آلية الفريق ليست متحجرة وسيعمل بطريقة مرنة وديناميكية وبآلية مصممة لتعمل الأطراف الرئيسة بشكل بناء لضمان انتخابات آمنة وعادلة وسلمية هذا العام لتلبية طموحات الشعب الليبي.
وزاد أن الفريق رفيع المستوى على النحو الذي قدمه لا علاقة له بأي حل مفروض من الخارج وهو لا يتجاوز المؤسسات الليبية بل في الحقيقة يشملهم ويضع الأطراف الفاعلة والمؤسسات ذات الصلة في صلب الجهود المبذولة للتغلب على الجمود السياسي من خلال مسار ليبي ليبي، وأن الفريق يهدف إلى توسيع نطاق المفاوضات مع الأطراف الفاعلة لتمكين وضع خارطة طريق بجداول زمنية محددة لضمان انتخابات شاملة وحرة ونزيهة.
وعن المشري وعقيلة، أفاد بأن الطرفين أعلنا اتفاقهما على القاعدة الدستورية في وقت سابق، ومع ذلك بقت شروط الترشح للانتخابات، حاثا إياهم على استكمال مشاوراتهم، مشيرا إلى أنه وجه طلبا لجميع الأطراف من ضمنهم حفتر وأعضاء لجنة 5+5 وقادة الأحزاب والمرشحون للرئاسة والقادة الاجتماعيون لتقديم مقترحاتهم لحل الأزمة، مثنيا على المجلس الرئاسي ومجهوداته وسط مواصلة العمل معه لتنفيذ المبادرة الأممية.
وعن التعديل الدستوري، أكد المبعوث الأممي لدى ليبيا عبدالله باتيلي أنه بعد إحاطته أمام مجلس الأمن، صادق مجلس الدولة على التعديل الدستوري 13 وهذه خطوة في الاتجاه الصحيح، كاشفا عن تسارع في إقرار التعديل الدستوري بين مجلسي النواب والدولة، مشيرا إلى أنه سيكون مجلسا الدولة والنواب في موضع مساءلة أمام الليبيين والعالم.
دوليا، أعلن مجلس الأمن دعمه القوي لباتيلي، لاسيما دوره في الوساطة والمساعي الحميدة من أجل تعزيز عملية سياسية شاملة، بل ولوّح بإنزال عقوبات بحق من يقوضون الانتخابات أو يعرقلونها، أو من يهددون السلام والاستقرار في البلاد.
أمريكيا، شددت مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف على دعم الولايات المتحدة الكامل لجهود الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة باتيلي وعمله مع القادة والمؤسسات الليبية لوضع إطار دستوري وجدول زمني للانتخابات هذا العام.
محليا، رحب رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا في لقاء جمعه بالمبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، رحب بالمبادرة الأممية لكسر الجمود السياسي وتنظيم الانتخابات، مشددا على الملكية الليبية لحل الأزمة الراهنة.
وأكد باشاغا خلال لقائه باتيلي على شرعية الحكومة الليبية وجاهزيتها لمساندة مساعي البعثة الأممية في تحقيق تطلعات الشعب في التغيير والانتقال الديمقراطي وجعل العام 2023 عام الانتخابات.
سياسيا، دعا المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي أعضاء لجنة 6+6 لإعداد قوانين الانتخابات إلى ضرورة بدء الاجتماعات في أقرب وقت ممكن، وعرض باتيلي على اللجنة دعم الجهود الليبية لإجراء الانتخابات خلال العام الجاري بتوفير الخبراء وفق ما يراه أعضاء لجنة 6+6.
عسكريا، وهو المسار الذي عرفا اجتماعات متواصلا، وللمرة الثالثة خلال أقل من شهر، اجتمع قادة عسكريون وأمنيون مجددين في لقاءهم هذه المرة من بنغازي بعد اجتماعي طرابلس وتونس ضرورة إجراء الانتخابات وانسحاب المقاتلين والمرتزقة وحل مشاكل النازحين والمهجرين وتبادل المحتجزين.
أكدت اللجنة العسكرية المشتركة والقيادات العسكرية والأمنية، الاستعداد لتقديم كافة أشكال الدعم لتأمين الانتخابات في كافة مراحلها.
وجدد المجتمعون في بنغازي، الالتزام الكامل بكل ما نتج عن الحوار بين اللجنة العسكرية المشتركة والقادة العسكريين في تونس وطرابلس.
وأكدت اللجنة العسكرية المشتركة والقيادات العسكرية والأمنية دعم جهود اللجة العسكرية ولجنة التواصل الليبية المنبثقة عنها من أجل إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب، والبدء في إجراءات عملية لمعالجة مشاكل النازحين والمفقودين والمهجرين وضمان العودة الآمنة لهم بالتنسيق بين الأجهزة الأمنية المعنية.
كما شددت اللجنة العسكرية المشتركة والقيادات العسكرية والأمنية على تبادل المعلومات فيما يخص المحتجزين لدى الطرفين والبدء في اتخاذ خطوات عملية لتبادل المحتجزين بأسرع وقت.
وفي كلمة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، في بنغازي مع القيادات العسكرية والأمنية، قال إن حل الأزمة الليبية بشكل كامل، ووضع حد للجمود السياسي الراهن، يحتاجان إلى وقت ومثابرة وصبر، لافتا إلى أن استمرار التنسيق والتعاون بين اللجنة العسكرية فرصة سانحة لمواصلة الحوار، وبناء الثقة، وتبادل الآراء حول كيفية توفير أساس متين لتسوية سياسية تُتَوج بحل الأزمة الليبية من خلال خلق بيئة مواتية لإجراء انتخابات شاملة وحرة ونزيهة عام 2023.
وفي ثاني اجتماعاتها في طرابلس، أكد اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة بعدد من قادة الوحدات العسكرية والأمنية بحضور المبعوث الأممي إلى عبد الله باتيلي الاتفاق على إيجاد حكومة موحدة لكل مؤسسات الدولة الليبية.
وشدد بيان صادر في ختام الاجتماع، على مواصلة العمل في طريق توحيد المؤسسات العسكرية من خلال رئاستي الأركان وتوحيد المؤسسات الأمنية وباقي مؤسسات الدولة.
وأكد البيان المضي في مسعى الانتخابات وحث مجلسي النواب والأعلى للدولة على استكمال الإجراءات المنوطة بهم، وأن يكون الحوار ليبيا -ليبيا وداخل الأراضي الليبية.
وحث بيان البعثة على زيادة المجهودات لحل مشاكل المهجرين والنازحين والمتضررين من الاقتتال والحروب، استكمال جهود المصالحة الوطنية وجبر الضرر.
وفي الخامس عشر من مارس بتونس، وبحضور المبعوث الأممي، نظمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا اجتماعا شاركت فيه اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 وعدد من قادة الوحدات العسكرية والأمنية في المنطقتين الغربية والشرقية، بهدف إرساء بيئة آمنة ومواتية للدفع بالعملية السياسية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة خلال العام الحالي 2023.
وأكد المجتمعون على أن مصالح ليبيا وشعبها تأتي في المرتبة الأولى، وأنها تتجاوز كل المصالح الشخصية للأطراف كافة، متفقين على توحيد الصف، والمضي قدما باتجاه تنظيم انتخابات حرة ونزيهة في ليبيا خلال العام الجاري 2023، والتواصل بين قادة الوحدات الأمنية والعسكرية من أجل العمل الأمني المشترك لضمان تأمين العملية الانتخابية.
أمنيا، شهد المسار الأمني تسارعا كبيرا في الخطوات، حيث اجتمع في بنغازي رئيس الأركان العامة بالمنطقة الغربية محمد الحداد، ورئيس الأركان العامة بالمنطقة الشرقية عبد الرزاق الناظوري.
آخر نتائج هذا الاجتماع جاءت على لسان رئيس الأركان محمد الحداد، الذي قال إن استقرار البلاد يمر عبر العدالة الانتقالية وجبر الضرر.
وأضاف الحداد أن استقرار البلاد يتطلب تشكيل فرق عمل للتواصل المباشر، لوضع حلول للنازحين والمهجرين والمفقودين والمحتجزين، إضافة إلى ملفات الجرحى جراء الحروب.
وأفاد الحداد بأن المؤسسة العسكرية ستدعم رغبة الشعب في إجراء الانتخابات واختيار ممثليه، مؤكداً جاهزيتهم لحمايتها عندما يتفق عليها الليبيون، مؤكدا أن القيادات العسكرية في تقارب مستمر في طريق توحيد المؤسسة العسكرية.
بدوره، قال رئيس الأركان بالمنطقة الشرقية عبدالرازق الناظوري، إن القيادات العسكرية مهما كان الخلاف بينهم قادرون على التقارب وسد الفجوة في أقرب ما يمكن.
وأضاف الناظوري، أن المؤسسة العسكرية تتلاشى فيها الانتماءات القبلية والحزبية والسياسية.
ويرى مراقبون أن للمشهدين السياسي والعسكري في ليبيا، أن المبعوث الأممي عبد الله باتيلي ومن خلال إحاطته المرتقبة غدا الثلاثاء سيسعى إلى دعم مساعي لجنة 6+6 من أجل صياغة القوانين الانتخابية دون تماطل أو إخفاق يقصيهم من المشهد ويعجل بالبحث عن بدائل أممية، وإرساء تفاهمات القيادات العسكرية والأمنية بهدف توحيد المؤسسة العسكرية والدفع نحو إجراء الانتخابات وتأمينها وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة.
مناقشة حول هذا post