على الرغم من مرور ثلاثين يوما على منح الثقة للحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا من قبل مجلس النواب مازال المشهد السياسي في البلاد ضبابيا ومجهول المصير، في ظل تشبث الدبيبة بكرسي السلطة وعدم إبداء أي رغبة حتى الآن بالتنحي هو وحكومته عن هرم السلطة
الدبيبة.. إصرار على البقاء
يحتج الدبيبة بذريعة أن ملتقى الحوار السياسي والذي انبثقت عنه حكومة الوحدة الوطنية، منح مدة عمل السلطة التنفيذية الانتقالية ثمانية عشر شهرا تنتهي في 24 يونيو القادم بإجراء الانتخابات
الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة، لم يعمل أي خطوة جادة تجاه إجراء الانتخابات وهو الاستحقاق الأول لحكومته حيث يتهمه خصومه بأنه كان السبب الرئيس لإفشال الانتخابات، بعد مخالفته تعهداته في جنيف وإعلان وزارة داخليته في وقت سابق عدم قدرتها على تأمينها!.
يراهن الدبيبة الذي يعلم أن نهاية حكومته مسألة وقت على استمرار الأزمة لكسب مدة أطول، إذ يرى البعض أن كل ما يقوم به الآن من مبادرات من قبيل تشكيل لجنة لوضع قاعدة دستورية وإجراء انتخابات برلمانية واقتراح التصويت الإلكتروني في ظروف تعاني فيها البلاد انقسامات حادة وخلافات كبيرة ما هي إلا محاولات لكسب الوقت والمراهنة على الفوضى خاصة وأن نطاق سيطرة حكومته لا يتجاوز أجزاء من المنطقة الغربية لكنه يعلم أن شريحة واسعة يؤيدها المجتمع الدولي ترى أن الحل يكمن في إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة.
الخيار العسكري
ويتخوف البعض من عودة الصراع المسلح خاصة بعد رفض الدبيبة التسليم وسط تلويحه باستخدام القوة وقيامه بتمويل المجموعات المسلحة بشكل واضح ما جعل العديد من الدول تتخوف من هذه الخطوات وربما هذا الأمر دفعها إلى الضغط على المصرف المركزي بوقف تمويل المصاريف غير الأساسية على الحكومة وكذلك مخاطبة البرلمان مؤسسة النفط بعدم إحالة عائدات النفط إلى المصرف المركزي.
يرى كثيرون أن الخيار العسكري لازال بعيدا خاصة بعد أن رفضت القوات التابعة لباشاغا الانجرار للمواجهة التي كان الدبيبة راغبا فيها عند محاولتها الدخول للعاصمة على الرغم من أن شعاره الذي كان يرفعة هو لا للحروب وأنه رجل سلام لكن التوتر الأخير الذي شهدته العاصمة اعتبر البعض أن باشاغا جنب البلاد الدخول في صراع بطلبه من القوات الرجوع إلى مقراتها وهو الأمر الذي حيّد مدينة مصراتة وجنبها الصدام العسكري وحول الوضع إلى خلاف سياسي يمكن إدارته.
الوقت في مواجهة الدبيبة
مع مرور الوقت يبدو أن الرضا الدولي على حكومة الدبيبة قد بدأ في التقلص في مقابل ما تكتسبه حكومة باشاغا يوما بعد يوم وهي التي تلقت ترحيبا واسعا في الشرق والجنوب ونتج عنه تسلم ديوان الحكومة في المنطقتين الشرقية والجنوبية.
ولا شك أن هناك قوى سياسية رافضة لحكومة باشاغا في الغرب تتمثل في حكومة الدبيبة وتحالفاتها التي تأثرت بنفوذها بالمال والقرار، غير أن استقالة عدد من وزراء الدبيبة والجفوة الدولية التي تمارس على حكومته قد تكون بداية لنهاية الحكومة خلال الأسابيع القادمة.
يظل الموقف الدولي مع ذلك مرتبكا ولم يكتمل بعد حتى الآن؛ إذ تطالب بعض الدول مثل تركيا وأمريكا بإجراء التسليم بشكل تفاوضي سلمي دون أي صراع، فيما التزمت دول أخرى الحياد في انتظار موقف واضح لبعثة الأمم المتحدة، في مقابل ذلك أعلنت مصر والسعودية وروسيا احترام قرارات البرلمان السيادية وأحقيته في اختيار أي حكومة وتسمية رئيسها.
أما فيما يتعلق بموقف دولة قطر أخيرا فقد شابه نوع من التغير وتطوير في المواقف لصالح باشاغا بعد أن أعلن وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن موقف دولته حول ليبيا يتطابق مع الموقف المصري.
إبعاد المؤسسات السيادية عن الصراع
ودعوات المجتمع الدولي لم تقتصر على جلوس الطرفين حول طاولة واحدة فقط، بل طالبت بإبعاد المؤسسات السيادية والمالية كمصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط عن الصراع السياسي القائم، بعد استخدامها من قبل الدبيبة واستقطابها لصفه لتحقيق مصالح سياسية ودعائية انتخابية.
وظهرت في الآونة الأخيرة إشارات حول تخلي المحافظ الصديق الكبير عن الدبيبة وحرمانه من تمويل برامجه التي أكسبته شعبيته واقتصار الصرف على بند المرتبات فقط بعد ضغوطات دولية، وسط أنباء تشير إلى توقف صنع الله عن تحويل أموال مداخيل النفط إلى المصرف المركزي والاحتفاظ بها في حساب المؤسسة لدى المصرف الخارجي استجابة لطلب البرلمان، الأمر الذي يراه البعض أنه سيدخل حكومة الدبيبة في أزمة شديدة وقد يبدأ معها العد التنازلي لما تبقى لها من أيام.