قالت منظمة العفو الدولية إن مقطع فيديو “صادم” يصور عملية إعدام خارج نطاق القضاء على يد مليشيا تمولها الدولة تدعى “قوة العمليات المشتركة” يعد بمثابة تذكير قاتم بالعواقب المميتة لإفلات الميليشيات والجماعات المسلحة من العقاب في ليبيا.
واستعرض مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية “مقطع فيديو التقطته كاميرا أمنية في أحد شوارع مصراتة في 6 مارس يُظهر الطيب الشريري البالغ من العمر 27 عاماً وهو يهرب من رجال مسلحين قبل أن يُطلق عليه الرصاص، وقد أطلقت رصاصة واحدة على الأقل من مسافة حوالي سبعة أمتار وشوهد الشاب بعد ذلك وهو ينهار على الأرض بينما يحيط به ثمانية رجال يرتدون زيا عسكرياً قبل أن يقتادوه إلى مؤخرة سيارة عسكرية عليها شعار ظاهر لقوة العمليات المشتركة”.
وأوضحت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية ديانا الطحاوي أن “عملية القتل هذه تمت عن قرب وفي وضح النهار، إنما هي مثال مخيف آخر على الإفلات الراسخ من العقاب الذي تحظى به الميليشيات، التي مرت جرائمها دون عقاب لفترة طويلة جداً”.
وطالبت الطحاوي السلطات الليبية أن تحقق بسرعة وفعالية في عملية الإعدام خارج نطاق القضاء هذه، وضمان محاسبة المسؤولين عنها والتوقف على وجه السرعة عن تمويل الميليشيات.
وأضافت المنظمة الدولية “إنه لأمر مشين أن تكافئ السلطات الليبية بشكل مستمر هذه الجماعات المسيئة، على سلوكها الإجرامي، يجب على السلطات عدم دمج أفراد هذه المليشيات في مؤسسات الدولة دون التدقيق لإبعاد أولئك المشتبه بهم، بشكل معقول في المسؤولية عن الجرائم بموجب القانون الدولي”.
انتهاكات المشتركة
وثقت منظمة العفو الدولية تورط “مليشيا المشتركة” في عمليات الاختفاء القسري والتعذيب والاعتقال التعسفي على مدى السنوات الست الماضية حيث تستهدف الأفراد على أساس أصولهم أو آرائهم السياسية أو التعبير السلمي عن أفكارهم.
ومن بين الاعتقالات التعسفية التي وثقتها المنظمة الدولية اعتقال عناصر من ميليشيا قوة المشتركة في 25 أغسطس الصحفي والناشط عبد اللطيف أبو حمرة في بني وليد بينما كان يقوم بجمع عينات ممن يشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا وظل رهن الاحتجاز التعسفي حتى منتصف سبتمبر 2020 كما اعتقلت المليشيا في 7 ديسمبر 2021 الصحفي والناشط حمزة التريكي المناهض لحكومة الدبيبة.
كما رصدت المنظمة في 3 من مارس اعتقال قوة المشتركة وزير الخارجية بالحكومة الليبية حافظ قدور المعارض لحكومة الدبيبة، وفي يناير 2021 قُبض على رجل آخر في مصراتة واحتُجز في مكان لم يُعلن عنه وبعد اختفائه، داهم عدد من المسلحين منزله وصادروا هاتفه
وإضافة إلى ذلك أكدت منظمة العفو الدولية وجود خمس حالات أخرى من الاعتقال التعسفي على أيدي قوة العمليات المشتركة، واستخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك الضرب بأنابيب المياه، والتعليق في وضعيات مجهدة، والحرمان من الطعام الكافي.
وتنتهك قوة العمليات المشتركة وفق المنظمة الدولية، بشكل معتاد حق المحتجزين في افتراض البراءة من خلال نشر اعترافات على قنوات التواصل الاجتماعي التابعة لها.
دعم الدبيبة
وعلى الرغم من الانتهاكات مازال رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة يمول قوة المشتركة بدفع 100 مليون دينار ليبي (21.6 مليون دولار) في 10 فبراير 2022، وفقا لوثيقة مالية اطلعت عليها منظمة العفو الدولية.
واختتمت ديانا الطحاوي قائلة “في مواجهة استمرار عدم رغبة السلطات الليبية في كبح جماح المليشيات والجماعات المسلحة، والحرص على إبعاد الأشخاص المشتبه، بشكل معقول، في ارتكابهم جرائم منصوص عليها في القانون الدولي، من مناصب تسمح لهم بارتكاب مزيد من الانتهاكات، أو التدخل في التحقيقات، أو تمنحهم الحصانة، من الضروري أن يمدد أعضاء المجتمع الدولي ولاية بعثة تقصي الحقائق إلى ما بعد يونيو 2022 لتمكينها من استكمال مهمتها الحاسمة”.
وقد أُنشئت مليشيا المشتركة في عام 2013 تحت اسم “غرفة العمليات الأمنية المشتركة المؤقتة مصراتة” وهي تتبع اسمياً لرئيس الوزراء مباشرة، ولديها ميزانية سنوية مخصصة من الحكومة، بينما لا تزال المهمة المحددة للميليشيا غير واضحة.