لم تجد مذكرة التفاهم التي وقعتها حكومة الدبيبة مع تركيا في مجال الاستثمار النفطي بالمنطقة البحرية الواقعة قبالة سواحل الشرق الليبي آذانا صاغية من الليبيين، والمجتمع الدولي حتى الآن، لاسيما مع ما اتّسمت به من غموض حول بنودها التي لم يتم الكشف عنها بشكل واضح حتى الآن.
الرئاسي: لا بد من مصادقة تشريعية
محليا، وفي أول تعليق له على المذكرة، أصدر المجلس الرئاسي بيانا ذكر فيه أن “ما تجتهده الحكومات عبر توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بينها، يهدف إلى تعزيز التعاون، ولِتدخلَ الاتفاقيات حيز التنفيذ، يتطلب اعتمادها (التصديق) من المجالس التشريعية” في إشارة إلى ضرورة موافقة مجلس النواب على أي مذكرات أو اتفاقيات تبرمها الحكومة.
وأكد الرئاسي أن إبرام الاتفاقيات يتطلب التشاور معه، لافتا إلى أن التعاون بين الدول تنظمه مواثيق وأعراف دولية، وقوانين محلية، وهي تهدف جميعها إلى مصلحة الشعوب أولا، مشددا على أهمية التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة كافة، بما يخدم مصلحة الشعب الليبي ومستقبل بلاده.
عقيلة صالح: الاتفاقية مرفوضة
رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أكد أن أي اتفاقية أو معاهدة أو مذكرة تفاهم يتم إبرامها من عبد الحميد الدبيبة تُعد مرفوضة وغير قانونية نظرا لانتهاء ولاية حكومته، وانعدام أي إجراء تتخذه منذ الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي.
عقيلة شدد، في تصريح لوسائل الإعلام، على أن توقيع أي مذكرة تفاهم أو معاهدة أو اتفاقية من قبل الحكومة منتهية الولاية غير ملزم لدولة ليبيا والشعب الليبي، مبينا أن التوقيع يتم من خلال رئيس الدولة أو البرلمان.
وجدد رئيس مجلس النواب الليبي تأكيده على أن التعامل مع الحكومة في ليبيا يكون عبر الحكومة الشرعية التي نالت ثقة البرلمان وهي الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا.
برلماني: أبلغنا الأمم المتحدة ببطلان هذه الاتفاقيات
عضو مجلس النواب إبراهيم الزغيد قال لـ أبعاد، إنهم أبلغوا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأن الاتفاقيات التي توقعها حكومة الدبيبة غير قانونية وشرعية، لافتا إلى أن المعاهدات التي تمثل ليبيا يجب أن تُجرى عن طريق الحكومة الليبية المكلفة شرعيا من البرلمان، والتي يرأسها فتحي باشاغا.
وذكر الزغيد أن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح حين زار تركيا أوضح وجهة نظر المجلس إزاء الوضع السياسي، وكذلك الاتفاقيات التي وقعتها حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج.
وعلق النائب الزغيد على حديث وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة نجلاء المنقوش عن الانتخابات وخارطة الطريق بأنه “حديث فارغ” كونه صادرا عن وزيرة بحكومة منتهية الولاية وغير قانونية، على حد تعبيره.
وأكد البرلماني الليبي أن مجلس النواب يدعم إجراء الانتخابات وهو من أصدر قانون الانتخابات سابقا، وعليه فالحكومة المكلفة بالإشراف على الانتخابات هي الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا.
“من غير الملائم توقيع اتفاقيات في هذا الانقسام”
رئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان قال إن التوقيت السياسي يشهد انقساما كبيرا نتج عنه حكومتان وأجسام أخرى منقسمة على نفسها، ولكل طرف داعموه ومؤيدوه، فحكومة تفرض نفسها كأمر واقع بطرابلس انتهت ولايتها، واتفاق جنيف لا يجيز لها توقيع اتفاقيات، وأخرى منتخبة من البرلمان في الوسط والجنوب والشرق.
وأضاف صوان، في بيان، أنه من غير الملائم توقيع أي اتفاقية في هذا الظرف من الانقسام، مبينا أن ذلك ليس في مصلحة البلدين، بل يعمق الانقسام، ويزيد من رفض الطرف الآخر لتركيا بعد أن أظهرت انفتاحا أكبر في علاقاتها بكل الأطراف في ليبيا.
واشنطن تبدي رفضها
دوليا، عبرت وزارة الخارجية الأمريكية عن رفضها للاتفاقية الموقعة بين تركيا وليبيا، مذكّرة بالتزامات الحكومة بموجب خارطة الطريق للبلاد، داعية كل الأطراف إلى الامتناع عن الأعمال التي قد تؤدي إلى زيادة التوترات في شرق البحر الأبيض المتوسط.
وأضافت الخارجية الأمريكية: “على الرغم من علمنا بالتقارير عن توقيع مذكرة تفاهم بين الحكومة التركية والحكومة الليبية المؤقتة، إلا أننا لم نرَ النص بعد”.
وتابعت: “نلاحظ أن الحكومة الليبية المؤقتة ملزمة بعدم النظر في الاتفاقات الجديدة التي تضر باستقرار العلاقات الخارجية للدولة الليبية أو تفرض عليها التزامات طويلة الأمد”.
أوروبا تطالب بتوضيح
المتحدث الرئيس للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو ذكر أن الاتفاقية المبلغ عنها بشأن الهيدروكربونات الموقعة بين ليبيا وتركيا تتطلب مزيدا من التوضيحات وهي تستند إلى مذكرة تتعارض مع قانون البحار وتنتهك حقوق الدول الأخرى، مؤكدا أنه يجب تجنب ما من شأنه أن يقوض الاستقرار الإقليمي.
غضب مصري يوناني
وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره اليوناني نيكوس ديندياس عبّرا عن موقفهما بكل وضوح مما يجري، فقد أكدا أيضا خلال اتصال هاتفي أن حكومة الدبيبة المنتهية الولاية لا تملك صلاحية إبرام أية اتفاقيات دولية أو مذكرات تفاهم.
ردود فعل وضجة واسعة أثارتها مذكرة التفاهم منذ اليوم الأول من توقيعها، لاسيما مع دفع مسؤولين إقليميين ودوليين للمسارعة بانتقادها، وهو ما يزيد من المطالبات بالكشف عن بنودها بشكل رسمي، وإطلاع الشعب الليبي على اتفاق يمسّ كل فرد فيه بشكل مباشر.
مناقشة حول هذا post