كتب سفير ليبيا السابق لدى تركيا عبد الرزاق مختار عن تصرفات حكومة الدبيبة وأخذها زمام الأمور بالترويج أن تركيا تقف إلى جانب حكومته وأنها الوحيدة والشرعية، إن زج الدولة في صراعات وإظهار انحيازها له محاولة يائسة من عبد الحميد الدبيبة
مقبل لفعل أي شيء للبقاء في السلطة
يبدو أن السيد عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة المنتهية ولايته وفي سبيل البقاء في السلطة والتشبث بالكرسي يمكن أن يُقدم على فعل أي شيء، حتى يخلو له الحكم وينفرد بالسلطة ويستمر، ليس فقط في إهدار المال العام، وإنما الأقسى والأمرّ هو التضحية بأرواح الناس والتمترس خلف الجماعات المسلحة ومدّها بالمال دون قيد أو شرط حتى يضمن ولاءها وحمايتها له وعدم الانقلاب عليه.
ومتابعةً وقراءةً لهذه الممارسات غير الشرعية وغير المسؤولة يمكن تفسير ما جرى بالأمس من تصريحات للسيد الدبيبة وزجّه بالدولة التركية ورئيسها كداعمين له ومناصرين ، وهو نفس الأسلوب العقيم الذي يستخدمه في تزوير الحقائق.
وأنا من خلال عملي سفيراً لبلدي في تركيا في السنوات الأخيرة ولقاءاتي المباشرة مع فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان ، فإنني أدرك تماماً عدم مصداقية ما حاول ترويجه رئيس الحكومة المنتهية من خلال تصريحاته لقناة ليبيا الأحرار، في محاولة يائسة منه للزج بدولة تركيا في صراعاته وإظهارها كداعم ومنحاز له، والذي أدركه أنا جيداً واستمعت إليه أكثر من مرة مباشرةً من فخامة رئيس تركيا أنه يحرص على حرمة الدم الليبي من مبدأ رفض التقاتل بين المسلمين ، وحرصه على دعم كل الجهود التي تعزز وحدة ليبيا وتنهي الصراع سلمياً ، ويؤكد على التداول السلمي والوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، وإنهاء المراحل الانتقالية والوصول إلى الانتخابات.
وكل ما في الأمر أن لقاء السيد الرئيس أردوغان بالمنتهية ولايته هو من باب المجاملة، بدليل أن المسؤولين الأتراك المكلفين بالملف الليبي لم يحضر أحد منهم، وربما السيد المحافظ هو من نسق لهذا اللقاء، فلماذا كل هذه الدعاية والضجة التي تتبناها أبواق رئيس الحكومة المنتهية ولايته؟ وللعلم فقد سبقت هذا اللقاء لقاءات عقدها مسؤولون أتراك وهم المعنيون بالملف الليبي: وهو وزير الخارجية ووزير الدفاع ورئيس جهاز المخابرات، فقد عُقدت عدة اجتماعات سبقت لقاء الرئيس بالدبيبة، وعقدها المكلفون بالملف الليبي (وزير الخارجية – وزير الدفاع – رئيس جهاز المخابرات) وشملت لقاءات منفردة مع السادة: باشآغا والمشري والدبيبة، لماذا تكتم السيد رئيس الحكومة المنتهية عن نتائج هذه اللقاءات التي كان طرفاً في إحداها؟ ولماذا خرج مسرعاً للإعلام ليروّج للقاء السيد الرئيس رجب طيب أردوغان ليستغله ويشيعه وكأنه انحياز من دولة تركيا لشخصه ودعماً لحكومته المنتهية، وهذا غير صحيح وغير حقيقي أؤكد ذلك من خلال معرفتي القريبة بدوائر الحكم في تركيا وآليات عملها وموقفها الصريح من الملف الليبي، الذي يؤكد عدم الانحياز لأي طرف وترك المتصارعين سياسياً يصلون إلى توافق فيما بينهم.
والذي نعلمه أن رئيس الحكومة المنتهية لم يف بأي وعود اقتصادية قطعها مع الجانب التركي، بل على العكس جمّد وألغى مشاريع كان السيد السراج قد اتفق عليها ووقّعها مع الجانب التركي، ونحن نعلم حساسية الجانب الاقتصادي للحكومة التركية ، والسيد الدبيبة قد تراجع عن مشاريع كبرى سبق الاتفاق بشأنها مع الحكومة التركية .إنه شيء مخجل ومعيب وعبث أن يزج شخص قد انتهت ولايته وسُحبت منه الثقة من جهة البرلمان الذي منحه الثقة في البداية .أن يزج بدولة شقيقة مثل تركيا ،وإظهار الأمر على غير حقيقته في سبيل البقاء في السلطة ،والتفرد بالحكم والاستيلاء على ثروات البلاد وإهدارها .
وامتداداً لهذا العبث والفوضى تغيب الخارجية الليبية عن هذه اللقاءات ولا ندري هل هو غياب أم تغييب؟!
إن إصرار رئيس الحكومة المنتهية وإصراره على عدم تسليم السلطة للحكومة المنتخبة من البرلمان ،ليس بدافع وطني ولا بدافع حتى موقف سياسي ، إنما هو تصفية حسابات سابقة بسبب المواقف الحاسمة التي اتخذها السيد رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان حين كان وزيراً للداخلية و مواجهته للجماعات المسلحة و بعض المتنفذين في مناصب سيادية وبعض رجال الأعمال .هؤلاء الخصوم تحالفوا وجمعهم العداء الشخصي لمحاربة السيد رئيس الحكومة المنتخب، لأسباب شخصية لا علاقة لها بالوطن ولا بمعاناة الناس وتهديد حياتهم وترويعهم ،و مآسي الناس في الصحة و معاناتهم في الكهرباء وتعطيل عجلة التنمية و البناء ،وتغول الجماعات المسلحة وإهدار المال العام ،وتغليب المصالح الشخصية والأنانية ،و عدم احترام مبدأ الكفاءة والخضوع للمعايير عند التكليف، بل صارت القرابة والمحسوبية والخوف وشراء الذمم وكسب الولاءات هي الدافع وهي المعيار.
من هنا يتضح السبب الحقيقي وراء استماتة رئيس الحكومة المنتهية والأنصار الذين شاركوه وشاركهم المصالح الشخصية البغيضة التي تكاد تصل بالوطن إلى حافة الهلاك.
مناقشة حول هذا post