في سابقة من نوعها.. قررت الجمعية العمومية للمحكمة العليا، اليوم الخميس في اجتماع طارئ، بإجماع أعضائها إعادة تفعيل الدائرة الدستورية؛ للنظر في الطعون والفصل فيها.
وعاهدت الجمعية، في بيان تلاه المستشار محمد الحافي، أحد المقربين من الدبيبة، بأنها لن تنحاز لأي طرف من الأطراف، وستعلي شأن الوطن، والمبادئ والقواعد الدستورية المقررة.
ما هي مهامها؟
تتولى الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، وفق قانون إنشائها، الفصل في القضايا والطعون ذات الجانب الدستوري والقانوني، والقضايا والخلافات حول القوانين والتشريعات والقرارات التي تصدر عن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، إلى جانب أي مخالفة أو طعن في الإعلان الدستوري.
وعليه فمن صلاحيات الدائرة استقبال الطعـون ضد كل الأجسام السياسية المنبثقة والقرارات التي صدرت منها، والنظر فيها وإبطالها إن خالفت الإعلان الدستوري والقوانين العامة.
أسباب الإغلاق
يرى باحثون في القانون الليبي أن قرار إغلاق الدائرة الدستورية كان بسبب تفضيل المحكمة العليا آنذاك عدم الزج بها في الصراع السياسي والعسكري الدائر، إضافة إلى سوء الأوضاع الأمنية التي قد تؤثر على أحكامها بالسلب، مع بلوغ البلاد في ذلك الوقت أقصى مراحل الاستقطاب الحاد.
مطالبات سابقة بتفعيلها
طالبت النقابة العامة للمحامين في ليبيا، في وقت سابق، الجمعية العمومية بالمحكمة العليا بتنفيذ الحكم القضائي الصادر عن الدائرة الإدارية بمحكمة استئناف طرابلس بتفعيل الدائرة الدستورية.
وفي مارس الماضي خرجت مظاهرات شعبية أمام مقر المحكمة العليا للمطالبة بتفعيل الدائرة الدستورية للفصل في عشرات القضايا المعلقة منذ سنوات؛ نتيجة إغلاقها.
وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري قد اعتبر، في بيان مارس الماضي، استمرار إغلاق الدائرة الدستورية بـ “جريمة إنكار للعدالة” على حد تعبيره.
لماذا بادر الدبيبة بالمباركة؟
كان عبد الحميد الدبيبة أول المبادرين بمباركة تفعيل الدائرة الدستورية عقب الإعلان بدقائق، معربا عن أمله في أن تكون رادعا للتجاوزات التي تمارس من الأطراف والقرارات المخالفة للاتفاق السياسي باعتباره الوثيقة الدستورية الحاكمة للمرحلة، متابعا في تغريدة على تويتر: “استقلال القضاء ووجود دستور حاكم أساس لاستقرار البلاد”.
ويتناقض حديث الدبيبة مع تمترسه في السلطة على الرغم من الاتفاق الذي توصل إليه ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف، والذي منح الدبيبة الشرعية قد انتهى، كما أن مجلس النواب الليبي وبموجب صلاحياته سحب الثقة التي منحها للدبيبة عام 2021، وكلف حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا.
غير أنه ربما يكون أكبر المستفيدين عبر إطالة أمد بقائه، واستمراره في السلطة بحكم المحكمة كأمر واقع، وسلطة موجودة في البلاد، لاسيما وأن الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا تقترب يوما فيوما من تسلّم مهامها من داخل العاصمة، وهو ما يسعى الدبيبة لعرقلته عبر سيناريوهات متعددة، ربما يكون تفعيل الدائرة الدستورية واحدا منها، وبالتالي دخولها في الصراع، واستفادة طرف معين من أحكامها.
مخاوف من توقيت القرار
الناطق السابق باسم المجلس الأعلى للدولة السنوسي إسماعيل قال إن إقفال الدائرة الدستورية على الرغم من مساوئه؛ فإنه حافظ على وحدة القضاء الليبي وعلى الحد الأدنى من وحدة البلاد.
إسماعيل، في تدوينة على حسابه بفيسبوك، حذر من أن تفعيل الدائرة سيهدد وحدة المؤسسة القضائية، وسيعمق الانقسام السياسي؛ فلا ضمانة لاحترام الطرفين شرقا وغربا لأي حكم قضائي يصدر من الدائرة الدستورية ضد أحدهما كما حصل في 2014.
الفارسي تعلق
عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي أم العز الفارسي ذكرت أن الليبيين في أمسّ الحاجة إلى إعادة مجرى العدالة وضمان سلامة البلاد، متسائلة: “فهل أخذت المحكمة العليا في الاعتبار الحيادية وعدم الارتهان للأجندة السياسية والتجاذبات المصلحية؟”.
وأشارت الفارسي، عبر تدوينة على فيسبوك، إلى أن الليبيين يتطلعون لأن تعمل الدائرة الدستورية بإنفاذ ما لا يخالف القواعد الدستورية الحاكمة، وعلى رأسها الإعلان الدستوري وتعديلاته، ومتابعة استكمال المسار الدستوري للحد من التخبط التشريعي في ليبيا.
مناقشة حول هذا post