يقول الكاتب السنوسي الشريف إن المستشارة الأممية بشأن ليبيا ستيفاني وليامز كانت من أبرز الشخصيات التي كان لها دور بارز في ملف الأزمة الليبية سواء بصفتها رئيسة للبعثة بالإنابة سابقا أو مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا حاليا ولا اختلاف في الدور الذي تلعبه على الرغم من اختلاف الصفة.
وانطلاقاً من أن التقييم العلمي للأداء السياسي ونتائجه يحتاج إلى تحليل السياق الدولي والإقليمي والمحلي، فالمتتبع بدقة لسلوك السيدة ويليامز عبر السنوات الماضية يخرج بالنتائج الآتية.
فرص كبيرة ونتائج متواضعة:
ويقول الكاتب إنه بسبب عدم اهتمام الإدارة الأمريكية بالتفاصيل في الملف الليبي، أصبح هامش تدخلات وحركات وليامز كبيرا نسبيا الأمر الذي منحها فرصا وموارد كبيرة للتأثير دون نتائج تذكر، فضلا عن الدعم الدولي وإعلان برلين وغيره، ولكن الأمر انتهى إلى انقسام وفشل خارطة الطريق برمتها
تغليب النجاح الشخصي على الإنجاز السياسي:
ويضيف إسماعيل أن ويليامز تسعى إلى تحقيق نجاح شخصي يضاف لسيرتها الذاتية بغض النظر عن كونه مفيداً لليبيين ويحل الأزمة أم لا، فالتجربة أثبتت أنها حريصة على كل ما يمس سيرتها المهنية ومفاوضات جنيف كانت عبارة عن إدارة للجلسات وحرص على إثبات حسن سيرة وسلوك دون الاكتراث بالنتائج، وهو ما جعلها تصرّ على حلول نصف ناضجة ومليئة بالثغرات، مما أدى في النهاية إلى إنتاج مسار سياسي فاشل وحكومة فاسدة
ازدواجية المعايير:
كما تحرص وليامز على الاستحواذ على الملف الليبي واستخدام معايير مزدوجة بشكل فاضح ففي الوقت الذي قبلت فيه قوانين الانتخابات التي أصدرها مجلس النواب استعدادا لاستحقاق 24 ديسمبر، تغاضت عن تقدم الدبيبة للترشح، ولم تشهر في وجهه التعهد الذي وقعه تحت رعايتها بعدم الترشح، كما كان دورها سلبياً بشأن الرشاوى التي شابت اختيار الحكومة وهي موثقة لدى البعثة
إدارة الأزمة لا إنهاؤها:
وعن دور مجلسي النواب والدولة يتحدث إسماعيل أن ويليامز تتعامل معهما كأجسام شرعية من جهة وتسعى لرعاية إصدار قاعدة دستورية عبرهما، وتتخذ موقفا مريبا في التعامل مع ما صدر عن مجلس النواب لا بالرفض ولا بالقبول من جهة أخرى، وهذا مؤشر للرغبة في استمرار الوضع المتفتت مما يؤدي إلى ضعف الحكومتين وضعف مجلسي النواب والدولة وكل الأجسام السيادية كالمصرف المركزي ومؤسسة النفط والمؤسسة الليبية للاستثمار
إهدار السيادة لضمان مصالح الدول المتدخلة
في مشهد واضح لإهدار صارخ للسيادة الوطنية نرى بعض سفراء الدول يجتمعون بمحافظ المصرف المركزي أو رئيس مؤسسة النفط أو المؤسسة الليبية للاستثمار وكأنه رئيسه المباشر ويقرر ما يشاء، والأكثر مرارة أن أغلب قادة التشكيلات المسلحة يجوبون الدول ويلتقون بأجهزة المخابرات ويتلقون الدعم والتوجيه تحت تأثير المال والنفوذ، والخطير أن نسبة كبيرة منهم لا دراية لهم بالسياسة ولا بدهاليزها ومدى خطورة ذلك على سيادة ليبيا، وما ينتجه من استمرار للفوضى الأمر الذي يجعل منهم أداة لإفساد المشهد السياسي وتأجيج الصراع
حرص باشاغا على استقلالية القرار الليبي:
يضيف الكاتب أن طريقة اختيار رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا ثبت أنها تمت من خلال توافق وإرادة ليبية لم تتوفر منذ 2014، إلا أن موقف الدول المتدخلة والمجتمع الدولي كان ضبابياً وسلبيا، لعل السبب يرجع إلى حرص باشاغا على استقلالية القرار الليبي وحرية الإرادة الليبية الذي كان ملموسا منه حتى أثناء دوره الكبير في الدفاع عن طرابلس، جعلت كثير من الدول التي تربطها به علاقات جيدة لا ترحب بتولي باشاغا لرئاسة الحكومة، بل بعضها نصح بأن يكون وزيرا للداخلية
هذه المواقف تؤكد كراهية هذه الدول أن تخرج ليبيا من أزمتها وحرصها الواضح على استمرار الوضع المتفتت والضعيف إذا لزم الأمر
الخلاصة
قد تكون ليبيا في مرحلة مفصلية تحتاج منا جميعا أن نعي ما يحاك لنا وما يخطط، وأن نغلب مصلحة الوطن بالالتفاف على هذا التوافق الوطني ونضع كل متدخل في شأننا في حجمه وعند حده، فبهذا وحده نحقق استقرارنا وننطلق في نهضتنا ونبلغ آمالنا