في إحدى المساحات الخضراء على الطريق العام في طرابلس يجلس مجموعة من الطلاب في ساعات متأخرة من الليل للدراسة على ضوء الإنارة العامة استعدادا للامتحان في إحدى مواد الشهادة الثانوية قبل ساعات قليلة فقط.
موقف عابر يلخّص أزمة تعليم تعود لسنوات إلى الوراء، بداية من تراجع أداء التعليم في البلاد من حيث المؤسسات والأداء التعليمي، وانتهاء بالمشاكل الأخرى كانقطاع الكهرباء، والحروب المتوالية، والأوضاع الصحية المتهالكة.
الكهرباء.. الأزمة المستعصية
لا يزال انقطاع الكهرباء منذ أكثر من 10 سنوات معضلة لم يتم حلها، على الرغم من تعدّد الحلول، وتوالي السلطات التنفيذية، ومجالس إدارة الشركة العامة للكهرباء، ومع توالي السنين يعاني الطالب الليبي من الدراسة تحت إنارة الشموع، وفي درجات حرارة عالية في فصل الصيف، يصل معها قاعة الامتحان منهكا دون أن يحظى بالقدر اللازم من الراحة والاستعداد النفسي والبدني.
مدارس متهالكة
ليست الكهرباء وحدها من تقف حائلا دون الحصول على الأجواء المثالية لعملية تعليمية متكاملة، فالمدارس أيضا متهالكة وبعضها “اسم بلا مسمى” بل وصل الحال ببعض القرى النائية في جنوب البلاد إلى أن يدرس أبناؤها في مدارس من صفيح تزداد معها الحرارة صيفا، والبرد شتاء؛ فكيف لطالب أن يتمتع بتحصيل علمي لائق على هذه الحال؟!
بلا كتب
عام كامل مضى على الطلاب في ليبيا دون كتاب مدرسي، وبلا مبررات منطقية حتى الآن، بل وبلا بوادر لتلافي هذه الأزمة خلال العام القادم، وهو ما يراه خبراء تربويون “خللا فادحا في المنظومة التعليمية” لم تكلف حكومة الدبيبة نفسها عناء البحث عن حل عاجل له، لينقضي عام والطلبة يبحثون عن كتب السنة الماضية، أو يحصلون على الكتب بأسعار باهظة لا يقدر على دفعها أغلب أرباب الأسر، لاسيما من لديهم عدة أبناء في المدارس.
النتيجة: خارج التصنيف!
دراسة على ضوء الشموع، حرارة في الصيف، وبرد في الشتاء، مدارس توشك على الانهيار، وكتب غابت، كلها أسباب أدت إلى نتيجة واحدة؛ خروج ليبيا من التصنيف العالمي لجودة التعليم في بلدان العالم، وهي نتيجة منطقية في ظل انعدام المعطيات في دولة يدرس أبناؤها تحت الإنارة العمومية في 2022!
مناقشة حول هذا post