تناول المهتم بالشأن الاقتصادي نورالدين حبارات مسببات الركود الاقتصادي وآثاره على المواطنين في ليبيا وطرق الخروج منها، مجيبا عن التساؤلات حول تأثير الإنفاق الحكومي على هذه الأزمة حيث تحدث في مقالته قائلا…
يمكن لنا وصف حالة الركود الاقتصادي التي تعيشها البلاد في تكدس للسلع وارتفاع أسعارها مع انخفاض واضح لمعدلات الطلب، وفي المقابل هناك انخفاض واضح في القدرة الشرائية لمرتبات ودخول المواطنين ومدخراتهم الشخصية مع شح للسيولة
وقال حبارات إن “التضخم الذي نراه اليوم هو تضخم بسبب ارتفاع التكاليف وليس تضخما بسبب زيادة الطلب والدليل وكما أسلفنا هناك تكدس في السلع و عزوف عن شرائها”
وأوضح أن الأسباب وراء ذلك تتعدد في انخفاض سعر الدينار رسمياً من 3.63 “وهو السعر الرسمي مضاف إليه الرسم أو ضريبة بنسبة %163” إلى 4.48 دينار للدولار، مضيفا أن هذا يعني أن الارتفاع في قيمة السلع لاسيما الأساسية بنسبة تقارب %25 فالبلد تستورد كافة احتياجاتها
وأضاف لو افترضنا ان صندوق الزيت يكلف 20 دولارا دون تكاليف الشحن، فإن سعر هذا الصندوق على سعر صرف 3.63 يكلف 72.6 دينار، أما سعر هذا الصندوق على سعر 4.48 فيكلف قرابة 89،60 دينارا وعليه فإن هناك ارتفاعا واضحا في السعر بقيمة 17 دينارا
وأكد على أنه من جهة أخرى تخفيض قيمة الدينار تؤثر سلباً على القدرة الشرائية لمرتبات المواطنين ومدخراتهم الشخصية، فلو افترضنا أن مواطنا دخله أو مرتبه يقدر ب 1000 دينار، فإن قيمة هذا المرتب على سعر 3.63 تعادل 275 دولارا، لكن على سعر 4.48 فهي تعادل 223 دولارا أي انخفض دخله أو مرتبه بمقدار 52 دولارا وبما يعادل 233 دينارا وهذا بالتأكيد مبلغ لا بأس به و له أثره السلبي
المهتم بالشأن الاقتصادي أكد على أن ارتفاع تكلفة الشحن العالمي بنسب مضاعفة منذ العام 2020م مع انتشار وباء كورونا ثم ارتفعت أكثر مع مطلع العام الحالي نتيجة ارتفاع أسعار الوقود و تعطل سلاسل التوريد بسبب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، فإذا كانت تكلفة الشحن للحاوية تقدر في السابق ب 2000 دينار فاليوم قد تصل إلى 6000 دينار
وشدد حبارات على أن ارتفاع تكلفة الغذاء العالمي خلال النصف الأول من العام الحالي بنسب تصل إلى %40 بسبب تلك الحرب ، فدولتا روسيا و أوكرانيا يساهمان بما نسبته %33 من الإنتاج العالمي للحبوب ، مع ملاحظة أن هذا السبب قد يتلاشى في قادم الأيام بعد الاتفاق على التصدير بين البلدين برعاية تركية و أمنية .
وأضاف: ارتفاع الإنفاق العام خلال العام 2021 م بنسب تصل إلى %100 عن حجمه في 2019 م و بما نسبته %133 عن حجمه في 2020م، وبما أن زيادة الإنفاق العام ما هي في حقيقتها إلا زيادة في دخول المواطنين، فهذه الزيادة أدت الى زيادة الطلب و الاستهلاك للسلع و الخدمات و من ثم إلى ارتفاع أسعارها ، فتآكلت في بادئ الأمر دخول ومرتبات المواطنين ثم تآكلت مدخراتهم الشخصية
ويشير إلى أن المواطنين عملياً هم من مولوا معظم حجم ذلك الإنفاق خلال العام 2021 بشكل غير مباشر ، كما أنهم هم من يمولون الإنفاق العام خلال العام الحالي و الذي ناهز حتى يوليو الماضي ال 45 مليار دينار و ذلك عبر مبيعات النقد الأجنبي لكافة الأغراض، وبالتأكيد مبالغ بهذا الحجم أدت حتماً إلى استنزاف دخول المواطنين و مدخراتهم ، فهذه المدخرات مهما كان حجمها فهي محدودة
واختتم حبارات بالقول إن “شح السيولة وعدم توافرها ما يضطر معه المواطنون إلى دفع تكلفة إضافية تصل إلى ما نسبته %02 لكل ألف دينار للحصول عليها تقتطع من دخولهم و مدخراتهم، وإذا كان ما تم ذكره يمثل أبرز الأسباب لحالة الركود فإن إزالتها أو معالجتها وفقا لخطط و استراتيجيات منسقة بين الحكومة والمركزي قد تكون حلولا ممكنة لها وهذا ما سنتناوله في موضوعنا القادم
مناقشة حول هذا post