تحدث المهتم بالشأن الاقتصادي نورالدين حبارات عن الوضع الاقتصادي في البلاد ونفقات حكومة الدبيبة ونهجها وانعكاسات سياساتها على الاقتصاد الوطني قائلا..
العمل بعقلية اقتصادية هو أن الحكومة أو المؤسسة ترتكز في عملها وأدائها لمهامها على التخطيط والإدارة، وذلك بما يضمن استغلالها الأمثل للموارد بكفاءة واقتصاد وفاعلية وبما يضمن تحقيق الأهداف الموضوعة والمرسومة مسبقاً آخذة في ذلك كل العوامل والبدائل بما فيها تكلفة الفرصة الضائعة ومن ثم إجراؤها لتقييم موضوعي للتأكد من مدى تحقيق تلك الأهداف من عدمها والوقوف على أسباب ومبررات ذلك
ويضيف نورالدين: فإذا كانت العقلية المحاسبية ترتكز فقط على كل ما يقيد في الدفاتر والسجلات المحاسبية، فإن العقلية الاقتصادية عكس ذلك تماماً فهي تأخد في الاعتبار خيارات وبدائل الاستخدام الأمثل للموارد المالية وللتوضيح، لو افترضنا أن شخصا ما يمتلك محلا تجاريا ويشتغل فيه ويدر عليه دخلا شهريا بمبلغ قدره 5000 دينار فإنه محاسبياً أي وفق ما تظهره السجلات والدفاتر المحاسبية التي يمسكها هذا الشخص سنجد بالفعل دخله 5000 دينار
ويوضح قائلا: لكن اقتصاديا فإن الأمر عكس ذلك تماماً فهذا الشخص ربما يكون قد خسر الكثير حيث كان بإمكانه تأجير هذا المحل بمبلغ 5000 دينار وفي الوقت نفسه كان أيضاً بإمكانه العمل في أي مجال آخر وحصوله على دخل إضافي قد يكون أقل أو يضاهي قيمة الإيجار أو يفوقه خاصةً إذا كان يمتلك خبرات في مجالات معينة
زيادة الإنفاق دون تنمية
وقال حبارات: بالعودة إلى محور موضوعنا نجد أن حكومة الوحدة أعلنت في وقت سابق أنها أنفقت قرابة 86 مليار دينار خلال العام 2021م وأكدت انذاك أن هذا الإنفاق هو الأقل منذ سنة 2012م، فمحاسبياً ما أنفقته الحكومة صحيح وهذا ما تظهره سجلاتها ودفاترها المحاسبية حيث إذا اطلعنا على تلك السجلات سنجد الآتي
المرتبات بقيمة | 33000 مليار دينار
الباب التاني بقيمة | 8000 مليار دينار
باب التنمية بقيمة | 17.000 مليار دينار
باب الدعم | 20.800 مليار دينار
باب الطوارئ | 6.500 مليار دينار
الإجمالي | 85.300 مليار دينار
ويؤكد نورالدين حبارات في مقالته أن ذلك اقتصاديا مختلف وكارثي بامتياز، فإنفاق ضخم بذلك المبلغ لم يؤد إلى زيادة الناتج المحلي للبلاد وزيادة معدلات النمو الاقتصادي، ولم يحقق أي تنمية وخلق وظائف حقيقية ولم يؤد إلى تحسين ميزان المدفوعات وزيادة احتياطي البلاد من العملات الأجنبية عبر دعم الصادرات كما لم يؤد إلى مساهمة فاعلة للقطاع الخاص
ويسرد قائلا “الأدهى والأنكى من ذلك أن إنفاقا بذلك الحجم لم يساهم و لو بالقليل في زيادة الإيرادات السيادية من ضرائب و جمارك وفوائض شركات عامة على الرغم من أن الإنفاق العام بكافة أبوابه في حقيقته هو دخول مباشرة للمواطنين والصدمة هي أن اقتصاديا قيمة الإنفاق العام خلال العام 2021 م ليست بـ 86 مليار كما تعتقد الحكومة بل بقيم مضاعفة
فمثلاً قيمة المرتبات البالغة 33.00 مليار دينار صحيح هي دخول مباشرة للعاملين بالقطاع العام و لكن عند إنفاقهم لها بعد استقطاع جزء منها كمدخرات تتحول دخولا مباشرة لأصحاب محال التجزئة لبيع السلع الغذائية و المنزلية ومواد البناء و غيرها، ودخول محال التجزئة ستتحول دخولا إلى محال الجملة ثم تتحول إلى دخول إلى محال جملة الجملة وهكذا
عبء كبير على الاقتصاد
ويختتم حبارات مقالته مؤكدا على أن “عدم انتهاج الحكومة للعقلية الاقتصادية أدى إلى تحول إنفاق بذلك الحجم إلى عبء كبير على الاقتصاد الوطني وعلى الأوضاع المعيشية للمواطنين، حيث فاقم من معدلات التضخم والبطالة والضغوطات أكثر على ميزان المدفوعات وعلى خزينة الدولة المثقلة بالديون أصلاً وكرس الاتكالية عبر الاعتماد المفرط على النفط وأهدر ثروات واحتياطيات الأجيال القادمة، ويبدو بالفعل أن الطريق أمام حكوماتنا للعمل بالعقلية الاقتصادية طويل وشاق ونحتاج إلى عقود من الزمن لبلوغه