تستمر فاجعة حريق بنت بية في تحصيل أصداء أكثر مع مرور الأيام والزيادة في عدد الوفيات التي ارتفعت إلى 15 شخصا في ظل فقدان عديد المصابين حياتهم متأثرين بجراحهم
احتجاجات متسعة في مناطق الجنوب
عديد المدن والقرى دخلت في حالة الاحتجاج التي دعت إليها فعاليات مدنية في منطقة الوادي التي تقع ضمنها المدينة المنكوبة بنت بية، وعلى إثر هذه المطالب انظمت مدن سبها، والقطرون، وتساوة، ووادي الشاطئ، والحطية، وأوباري، وجيزاو، والعوينات وغيرها
وكانت أبرز المطالب مرتكزة على ضرورة التحقيق في أسباب الحادثة والبدء في توفير مطالب أهالي الجنوب وعلى رأسها إصلاح وضعية الطرقات والبنية التحتية والمياه، وتوفير السيولة النقدية وبشكل منتظم
تردي الخدمات الصحية
في ظل الأحداث المتصاعدة جراء الحادثة ونقل المصابين جراء الحادثة إلى طرابلس لبدء علاجهم ظهرت بعض الشكاوى من وجود تقصير في تقديم بعض الخدمات إلى الحالات الحرجة أبرزها توفير بعض الأدوية والأغطية وهو ما ألقى بظلاله على أهالي المصابين الذي بادروا إلى انتقاد الدبيبة وحكومته من طريقة تعاملها
الدبيبة يتسبب في أزمة مع أهالي الجنوب
وجد أهالي المصابين فرصة في التعبير عن غضبهم مباشرة إلى الدبيبة الذي زار مستشفى الحروق واطلع على وضعية المصابين، فاستغل أهاليهم الفرصة وقدموا شكواهم واحتجاجهم من سوء الوضع الصحي في الجنوب وكذلك ضعف الخدمات في مستشفى الحروق، حيث كانت بينهم والدة أحد المصابين الذين توفوا في طرابلس ولها أخ من بين المصابين أيضا إلا أن الدبيبة وبخها على شكواها مطالبا إيها “باحترام نفسها”
الحادثة دفعت عديد النشطاء والحكماء إلى انتقاد تصرف الدبيبة في تصريحات عبر وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي بعضهم أكد أن الواقعة والحدث وظروف الأهالي لم تستدع هذا التصرف من قبل الدبيبة وحالة الغضب التي اعترته في وجه السيدة مطالبين إياه بالاعتذار
أين ذهبت ميزانيات الصحة
نقص الخدمات الصحية في الجنوب وعدم قدرة المستشفيات على تقديم الخدمات في حادثة بنت بية فضح ضعف الوضع الصحي وكون الأرقام التي صرفت على قطاع الصحة في ليبيا منذ بداية العام ومن قبل حكومة الوحدة الوطنية لم تحقق الأثر الإيجابي في قطاع الصحة وبالأخص في الجنوب الليبي حيث بلغت الأرقام التي أوضحها مصرف ليبيا المركزي حول نفقات حكومة الدبيبة التي وصلت إلى أكثر من 763.2 مليون دينار، كما سجل التقرير بلوغ نفقات وزارة الصحة حوالي 2.5 مليار دينار منذ بداية العام 2022 فقط
هذه النفقات طرحت عديد التساؤلات حول طريقة صرف الحكومة وإلى أين تذهب كل هذه الأموال المخصصة والتي تصل إلى مليارات دون وجود أي خطوات إيجابية أو تحسن في مستوى الخدمات المقدمة في القطاع الصحي تحديدا
تسفير جل الحالات إلى الخارج
من الجنوب إلى طرابلس وبنغازي تم نقل 75 مصابا هم ضحايا حريق الصهريج في بنت بية لكن العلاج الذي قدم مقتصر على محاولة تثبيت الحالة الصحية واستقرارها حتى يتم التمكن من تسفيرها إلى الخارج فمن بنغازي تم نقل جميع الحالات إلى مصر التي بدأت علاجهم في مستشفياتها العسكرية وكان نقل المصابين عبر الطيران الخاص المصري، أما الحالات التي نقلت إلى طرابلس فنقلت مباشرة إلى تونس وإيطاليا، وإسبانيا، وتركيا وقد شرعت السلطات الصحية في تلك الدول في البدء في علاجهم
من جهة أخرى اتضح أن المستشفيات التي في المدن الكبرى شأنها شأن نظيراتها في الجنوب لا تملك الإمكانات أو القدرة على علاج الحالات ومن هنا تكرر السؤال أين ذهب 2.5 مليار دينار صرفت في نحو 7 أشهر فقط منذ بداية العام الحالي
بلديات الجنوب بدون مخصصات مالية
الحادثة كشفت عدم وجود القدرة المالية لدى بلديات الجنوب وهو ما أعلنته في مؤتمرها الصحفي الذي عقد في خضم كارثة بنت بية والتصريحات المختلفة مؤكدة حاجتها إلى تخصيص أموال لمجابهة الظروف الصحية الطارئة والحوادث
كما أن الحادثة طرحت تساؤلات عن جدوى الاجتماعات التي يقوم بها الدبيبة لجمع عمداء البلديات؟ وهل هي مجرد اجتماعات لحشد الرأي السياسي الداعم لحكومته والدعاية السياسية؟ أم لتقديم الخدمات للبلديات والوقوف على ما أنجزته خلال الفترة الفارطة؟
مسؤولو الجنوب تحت الضغط الشعبي
أعادت الحادثة حالة الضغط الشعبي الذي يمارسه أهالي الجنوب على المسؤولين المنتخبين أو الذين أوجدتهم المحاصصة السياسية واضعة إياهم تحت المجهر حيث طالبهم أهالي الجنوب بالاستقالة لعدم قدرتهم على تلبية مطالبهم وفي مقدمتها خدمات الجنوب، كما عبروا عن استيائهم من ردة فعل الوزراء من الجنوب في حكومة الدبيبة وعلى رأسهم نائبه رمضان أبوجناح الذي يمسك بالملف الصحي بعد حبس الوزير علي الزناتي في قضايا فساد بالإضافة إلى عديد المسؤولين لم يقدموا للجنوب أية خدمات ولم يوجدوا بمناطقهم طوال فترة عملهم التي تجاوزت العام
حادثة قصمت ظهر البعير
لطالما عرف الجنوب بصبره على عديد المتغيرات التي رافقت الحياة والخدمات خلال السنوات العشر الماضية أهمها شح الوقود الذي ارتفعت أسعار اللتر منه إلى 5 دنانير في وقت تباع فيه في طرابلس وبنغازي والمدن الكبرى ب 0.15 قرشا فقط، وهو الذي تسبب بوجود سوق سوداء مزدهرة تشد إليها الرحال من قبل المهربين شرقا وغربا عبر دروب التهريب وصولا إلى الجنوب لتسويقها أو نقلها لتباع في دول الجوار
تأتي الحادثة لتشعل فتيل مارد لطالما ظل صابرا ينتظر حلول الحكومات المتعاقبة ووعودها بتوفير الخدمات الحكومات ومليارات رصدت ولم تعرف طريقها إلى جيوب المواطنين أو تنعكس على مستوى الخدمات ومع تعالي أصوات المواطنين الداعية إلى إيجاد الحلول الجذرية دون تأخير والتلويح بإغلاق الحقول أو الطرق إليها في حالة التأخير أو المماطلة، فما الذي ستحمله الأيام المقبلة من مستجدات؟