حين يكون الفساد والإنفاق “غير الطبيعي” خصلة من خصال أعلى هرم السلطة، فكيف يكون الحال بالبقية؟! هذا ما كشفه تقرير ديوان المحاسبة للعام 2021 عن التصرف المالي لمجلس وزراء حكومة الدبيبة عقب تسلمها السلطة في البلاد بعد اختيارها من قبل ملتقى الحوار السياسي الليبي.
وأول المخالفات التي رصدها تقرير الديوان عدم وجود هيكل تنظيمي وملاك وظيفي معتمد لديوان مجلس الوزراء، على الرغم من أنه من المفترض أن يكون في مقدمة الجهات العامة التي أكملت إجراءات ملاكها الوظيفي!
الإنفاق على الباب الأول يرتفع بـ 100%
التقرير رصد تضاعف الإنفاق على الباب الأول بمقدار زيادة 100%، فكان الإنفاق خلال سنة 2020 نحو 27.18 مليون دينار، ليصل في 2021 إلى 54.21 مليون دينار؛ نتيجة للتوسع في الصرف على الإضافي، والمكافآت، وفروقات المرتبات والندب والإعارة.
إضافة إلى تضمين مرتبات 9 وزراء دولة، وسداد مرتبات عاملين لم ترد أسماؤهم من وزارة المالية بنحو 2.94 مليون دينار.
وأوضح التقرير أن من الحالات التي ترتب عليها تضخم رقم المرتبات قرارات الندب من جهات أخرى، حيث تبين أن قيمة الفروق لـ 10 موظفين لم تتجاوز مرتباتهم الشهرية في جهاتهم الأصلية 141.58 ألف دينار، في حين ارتفعت لنحو 404.40 ألف دينار لتصل الفروقات الشهرية أكثر من 262 ألف دينار.
تكليف مستشارين بعقود غامضة!
التقرير ذكر أنه تم تكليف مستشارين بديوان مجلس الوزراء دون إبرام عقود تحدد مدة ومجال أعمالهم والواجبات والمسؤوليات، حيث بلغ عدد المستشارين 6 بمرتبات شهرية 7500 دينار للمستشار الواحد، مع عدم إرفاق مستندات بملفات المستشارين تحمل مؤهلاتهم العلمية، وسنوات الخبرة.
ملايين تُنفق على السفر والمبيت
أكثر من 4 ملايين دينار أنفقها مجلس الوزراء خلال 2021 على بند نفقات السفر والمبيت، التكليف المباشر مع عدد محدد من الشركات الخاصة في إصدار التذاكر والإقامة الفندقية، بالمخالفة للائحة العقود الإدارية.
التقرير أكد وجود مغالاة في أسعار تذاكر السفر، والإقامة بالفنادق في الخارج دون إرفاق تفاصيل الإقامة، مبينا أن أغلب تذاكر السفر تتم على الدرجة الأولى، مع إصدار تذاكر وإقامات فندقية لأشخاص لا تربطهم علاقة وظيفية بديوان مجلس الوزراء.
ليس هذا فحسب، بل تم إيفاد أشخاص لا تربطهم علاقة وظيفية برئاسة مجلس الوزراء لمهام خارجية، وصرف علاوة السفر والمبيت، بالمخالفة لقانون النظام المالي للدولة.
مبالغ طائلة للإقامة
رصد تقرير ديوان المحاسبة أسعارا “خيالية” لإقامة مسؤولين بحكومة الدبيبة، حيث تصل تكلفة الشهر الواحد لإقامة نائبه رمضان أبوجناح بفندق المهاري 105 آلاف دينار، فيما بلغت تكلفة إقامة مدير مكتب الدبيبة أكثر من 12 ألف دينار شهريا.
رحلات خاصة بأكثر من 5 ملايين
التجاوزات وصلت إلى إنفاق أكثر من 5 ملايين دينار في إيجار الطائرات لغرض تنفيذ رحلات خاصة، أدت إلى ترتيب أعباء مالية على الخزانة العامة، والتي كان بالإمكان تفاديها، لاسيما في ظل وجود الجهاز التنفيذي للطيران الخاص، والمناطة به مثل تلك الأعمال.
سيارات مصفحة لأبوجناح والقطراني
تحصل نائب الدبيبة عن المنطقة الجنوبية رمضان أبوجناح على 9 سيارات تم خصم قيمتها من حساب التحول بديوان مجلس الوزراء، في حين تم تخصيص مبالغ لديوان مجلس الوزراء بالمنطقة الجنوبية لذات الغرض!
أما نائبه عن المنطقة الشرقية حسين القطراني فقد تحصل على 10 سيارات مصفحة من الطراز الحديث لم تُستكمل إجراءاتها الإدارية، وسُلمت دون لوحات معدنية، كما أن محضر التسليم والاستلام لم يُشر إلى مستلمي تلك السيارات.
“غيض من فيض” ومخالفات لا تتجاوز ديوان رئاسة الوزراء هرم السلطة التنفيذية، ناهيك عن أكثر من 1500 جهة تابعة للدولة الليبية تضم بين جنابتها مخالفات تندّ عن الحصر، فهل بات هذا كافيا للدلالة على ضرورة وضع حد لهذه الحكومة؟
مناقشة حول هذا post