استبعد مراقبون سياسيون إمكانية إجراء انتخابات عامة في البلاد قريباً، بسبب استمرار العراقيل التي حالت دون إجراء الاستحقاق الانتخابي نهاية عام 2021، بالإضافة إلى انخراط أطراف الأزمة السياسية في تبادل الاتهامات.
وجاءت رؤية عديد السياسيين متطابقة مع تصريحات سابقة لرئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عماد السايح الذي قال إن أصحاب المصلحة المعنيين بالأزمة السياسية الليبية الحالية، بما في ذلك المجتمع الدولي، بقيادة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يعتبرون الانتخابات هدفا وليس أداة.
وأفاد السايح في حوار مع المجلس الأطلسي، بأن الجميع يعلم أن الانتخابات هي أداة للانتقال السلمي للسلطة، مما يستلزم تنفيذها في بيئة سياسية توافقية وإطار ثقافي يعزز الحد الأدنى من الأمن والاستقرار، لافتا إلى أن هذه الشروط غائبة حاليا في الأراضي السياسية الليبية.
وتابع رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، أن البيئة السياسية الليبية معادية للمبادئ الديمقراطية، وخاصة الانتخابات، مشيرا إلى أن الظاهرة يمكن أن تعزى إلى بعض العوامل التي أنتجت نتائج سلبية وشكلت البيئة على مدى السنوات الاثنتي عشرة الماضية، ومن أبرز هذه العوامل غياب ثقافة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة داخل المجتمع الليبي، وعدم وجود دستور لتنظيم عملية نقل السلطة والتدخل الأجنبي السلبي.
وتابع أنه بسبب عدم وجود دستور دائم يضع القواعد التشريعية الأولية للعملية الانتخابية في ليبيا، لم تقبل الأحزاب السياسية المعنية بالأزمة مواد وأحكاما محددة، لا سيما تلك المتعلقة بمؤهلات المرشحين والنظام الانتخابية.
ولفت السايح إلى أنه لم يكن لدى بعثة الأمم المتحدة أي رؤية إستراتيجية لنقل الدولة الليبية من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة الاستقرار الدائم، حيث تبنى كل مبعوث أممي رؤية مختلفة لحل الأزمة السياسية بناء على قناعاته وتصوراته، والتي ستتأثر بلا شك بسلوكه الشخصي من جهة، وبالوقائع السياسية الثابتة والمتغيرة على الساحتين المحلية والخارجية.
وزاد أن القضية المركزية في الأزمة الليبية هي البعد السياسي، الذي هو مصدرها الأساسي ولا يمكن تجاهله، وتتطلب معالجة جوانب أخرى، مثل المخاوف الاقتصادية أو الأمنية، حل سياسي ينتج عنه سلطة منتخبة تمتلك الشرعية اللازمة لإدارة الأزمات الأخرى بفعالية بشفافية وإعطاء الأولوية للمصالح الوطنية قبل كل شيء آخر.
والسبت الماضي، أكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أن جولة جديدة من المشاورات بين رؤساء المجالس الثلاثة في البلاد ستعقد قريباً بجامعة الدول العربية في القاهرة.
وقال صالح في كلمة ألقاها، عقب منحه وسام التميز العربي، على هامش مؤتمر البرلمان العربي بمقر الجامعة العربية بالقاهرة، إنه متفائل بمستقبل الأوضاع في ليبيا في ظل سعي الجميع إلى الخروج من النفق المظلم وصولاً إلى الانتخابات بالبلاد، لافتا إلى أن الجولة السابقة من المشاورات مع رئيسي المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة توصلت إلى نتائج ملموسة، حيث جرى الاتفاق على توحيد المناصب السيادية في ليبيا، بما يضمن تفعيل دورها المنوط بها على مستوى الدولة، فضلاً عن التوافق على تشكيل حكومة موحدة، والتأكيد على سيادة ليبيا واستقرارها.
وقبل أيام، أكدت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، ستيفاني خوري، التزام البعثة بالعمل على دعم عملية مصالحة وطنية شاملة مع كل الشركاء.
وشددت خوري، في رسالة مصورة إلى الليبيين على دعم إجراء انتخابات وطنية شاملة حرة ونزيهة لإعادة الشرعية للمؤسسات الليبية.
وأكدت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا التزام البعثة بمساندة الليبيين على تجنيب البلاد مخاطر الانقسام والعنف وهدر الموارد، وذلك من خلال تيسير عملية سياسية شاملة، يملكها ويقودها الليبيون أنفسهم، بمن فيهم النساء والشباب ومختلف المكونات.
ولفتت خوري إلى أن البعثة ستعمل مع الليبيين من أجل التنفيذ الكامل والمستدام لاتفاق وقف إطلاق النار، ومعالجة انتشار الأسلحة، وتحسين وضع حقوق الإنسان وسيادة القانون، مشيرة إلى أن الشعب الليبي عانى بما يكفي من غياب الاستقرار والتنمية، وأنه اليوم يواجه ظروفاً معيشية صعبة وحان الوقت لوضع حد لهذه المعاناة.
مناقشة حول هذا post