لم تبد تركيا أي تفاعل مع اختيار مجلس النواب الليبي حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا وتستمر في موقفها الضبابي تجاه الأزمة في ليبيا وتداعياتها الإقليمية والدولية.
ويرفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة تسليم السلطة إلى نظيره رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا المكلف من قبل البرلمان الليبي.
تركيا وباشاغا
ولم تحسم تركيا رسميا موقفها من الصراع بين الحكومتين على الرغم من أن باشاغا يعد حليفا قديما لها وقد أثنى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على علاقته الجيدة به.
ومن جانبه يصف رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا في مقابلة مع وسائل إعلام ليبية علاقته بالرئاسة التركية بـ “الصداقة المتينة على الرغم من محاولة البعض التشويش عليها” حيث عملت أنقرة بشكل وثيق مع باشاغا خلال فترة توليه منصب وزير الداخلية في حكومة السراج وكانت داعما رئيسيا له.
وعلى الرغم من أن تركيا لديها ثقل عسكري وسياسي في غرب ليبيا كان محللون يتوقعون دورا أكبر من تركيا للضغط على الأطراف الليبية للتهدئة ودعم الانتقال السلمي وإظهار نفسها بشكل أكثر انفتاحا وحزما في البلاد.
ويرى سياسيون أن تركيا قد تفقد جزءا من دورها في ليبيا إذا استمرت حالة غموض موقفها تجاه تطورات الملف الليبي حيث أن تحركها العسكري الداعم لقوات حكومة السراج ساهم في رد هجوم حفتر على طرابلس.
انفتاح تركي على الشرق
وانفتحت تركيا مؤخرا على القوى المسيطرة على شرق ليبيا بعد زيارة السفير التركي إلى بنغازي للقاء المسؤولين هناك وزيارة أخرى إلى مدينة القبة للقاء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح فضلا عن الزيارات المتكررة التي أجراها صدام وأبوالقاسم نجلا خليفة حفتر إلى تركيا للقاء المسؤولين الأتراك.
وقد سبق هذه الزيارات لقاء في أنقرة جمع عددا من أعضاء مجلس النواب من المنطقة الشرقية الداعمين لحفتر وعقيلة صالح مع المسؤولين الأتراك، وتم التباحث حول تطورات المشهد الليبي والاتفاقية البحرية الموقعة بين حكومة الوفاق الوطني ونظيرتها التركية عام 2019.
وعلى الرغم من أن الحدود البحرية بين تركيا وليبيا التي حددتها الاتفاقية البحرية تتصل بالجانب الشرقي الذي يسيطر عليه حفتر وعقيلة صالح إلا أن تركيا لم تتفاعل بشكل إيجابي مع اختيار البرلمان حكومة جديدة خلفا لحكومة الدبيبة.
الخلاف التركي المصري
وعلى الرغم من انفتاح تركيا على شرق ليبيا وعلاقتها الجيدة مع باشاغا يبدو أن التراجع التركي في دعم حكومة باشاغا بشكل رسمي، قد يرجع إلى أسباب أخرى إقليمية تتعلق تحديدا بدور مصر التي تتحاور معها تركيا حول المسائل العالقة بينهما.
وعينت تركيا مؤخرا سفيرا لها في مصر بعد قطيعة دبلوماسية دامت بينهما تسع سنوات على خلفية الانقلاب العسكري الذي جاء بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى السلطة وازدياد حدة الخلاف عام 2019 بعد المواجهة غير المباشرة بينهما بدعم تركيا عسكريا قوات حكومة الوفاق ودعم مصر قوات حفتر في الحرب.
وبينما أعلنت مصر مبكرا دعم الحكومة الليبية الجديدة برئاسة فتحي باشاغا لقيادة ليبيا التزمت تركيا الصمت تجاه حكومة باشاغا، مما يشير إلى أن الملف الليبي لازال عالقا ضمن القضايا العالقة والتي تتنافس الدولتان في حلها من أجل إعادة تطبيع العلاقات بينهما خاصة وأن مصر تملك حدودا بحرية أخرى مثل ليبيا مع تركيا قد ترسمها القاهرة مع أنقرة للاستفادة منها في ظل خطط أنقرة للاستفادة من غاز شرق المتوسط.
دور قطري
وكما توسطت قطر في إطلاق بعض الرهائن الأتراك الذين كانوا في قبضة حفتر فهي الآن قد تتدخل مجددا مستفيدة بثقلها في ليبيا للعب دور في حل الخلافات بين القاهرة وأنقرة خاصة بعد التوافق الذي أبداه وزيرا الخارجية القطري ونظيره المصري تجاه الملف الليبي والتفاهم بينهما حول القضايا الإقليمية والدولية.
ويتوقع محللون أن الوصول إلى تفاهم بين مصر وتركيا حول القضايا العالقة بينهما إقليميا سيؤدي حتما إلى اتفاق بين الدولتين سيساهم في استقرار ليبيا ودعم جهود الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا لقيادة البلاد خلال الفترة القادمة.